في ظلال الوحي (7) من فقه الكرامة/ إبراهيم أحمد سالم

أحد, 2024/04/07 - 18:44

قال تعالى : " وَنَادَىٰ فِرۡعَوۡنُ فِی قَوۡمِهِۦ قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَلَیۡسَ لِی مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَـٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَـٰرُ تَجۡرِی مِن تَحۡتِیۤۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ أَمۡ أَنَا۠ خَیۡرࣱ مِّنۡ هَـٰذَا ٱلَّذِی هُوَ مَهِینࣱ وَلَا یَكَادُ یُبِینُ " لم يذكر الله جوابهم على استفهام فرعون ؛ لأنّهم غير موجودين وجود الكرامة ، ووجود المذلّة يُشبه العدم ، فأهله لا يُجيبون الطغاة . 

 

لن أتكلم اليوم عن الطغاة ولكن سأتكلم عن المظلومين " الظالمين " بعد هذه الآية يقول تعالى : " فَٱسۡتَخَفَّ قَوۡمَهُۥ فَأَطَاعُوهُۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ قَوۡمࣰا فَـٰسِقِینَ " ، لاحظوا أنّ العتاب لم يتوجّه إلى فرعون بل توجّه إلى من أطاعه " إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ قَوۡمࣰا فَـٰسِقِینَ " ثمّ تأمّلوا قوله بعد ذلك : "فَلَمَّاۤ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَـٰهُمۡ أَجۡمَعِینَ فَجَعَلۡنَـٰهُمۡ سَلَفࣰا وَمَثَلࣰا لِّلۡـَٔاخِرِینَ" تدبّروا دلالة " أجمعين " ولاحظوا قوله تعالى في آية أخرى " إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ، ولكن نحن لا نقف كثيرا عند توجيه النصوص الشرعية في الكرامة وبنائها ، ونكتفي بذكر الظلم والتألّم منه .

عبارة القرءان الذي يُربّي على العزة "ظالمي أنفسهم " أما نحن فنقول عبارة " المظلومين " ونسكت ، الاكتفاء بمفهوم المظلومية هو الذي شجّع كلّ هذا الطغيان من أفراد قلة على كثرة تتسم بالذلّ وترك المسؤولية التي صنعناها نحن بقولنا له " أنت مظلوم "، ونظرنا إلى النتائج وأهملنا المُقدّمات.

هذا الإنسن في أصل خِلقته خُلِق مُكرَّما ثم أمرته الشريعة بأن يكون عزيزا ، تقبّل الظلم منافٍ لأصل الخِلقة وللتشريع .

تأمّلوا في قضية " قرأتها لأحد المتدبرين "أتى بها القرءان عن إبراهيم عليه السلام وهي تكسير الأصنام " فَجَعَلَهُمْ جُذَٰذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ" ثم تحريك المياه الراكدة ، هذا التصرف كيف نفهم مقصده ؟ رجل واحد يأتي إلى شعب مستكين وطاغية ثمّ يكسر الأصنام " آلهتم التي يعبدون " ، ما هي اللفتة التي يريد القرءان أن يوصِل إلينا بهذه الحادثة ؟

 

نحتاج التنبيه إلى أخطاء الشعوب أحيانا ، وإلى تربية الكرامة كثيرا.