إلى متى نسير في عكس اتجاه التنمية والتحضر؟

اثنين, 2015/11/09 - 13:10

النخب السياسية عجزت أو لم تتوصل بعد إلى قناعة مشتركة بضرورة تجاوز الخلافات والاتفاق على تحديد أولويات مشتركة للتشاور، و الجلوس على طاولة التفاوض و التحاور من أجل الحصول على نتيجة أو التوصل إلى صيغة إيجابية تسهم ولو في الاعتراف بأهمية خدمة المشترك. و لم تطور وسائل الإعلام المختلفة أسلوبها في نشر الوعي وتنوير المواطن بل على العكس من ذلك ساهمت بعض القنوات والمواقع في زيادة الإحباط وتعتيم صورة الواقع لدى الرأي العام باعتمادها أسلوب الإثارة وتعقيد البسيط وتعميق الخدوش في تناولها للقضايا الوطنية ، فعممت الشائعات وأطرت الخلافات. فتشوهت صورة المشهد الوطني على الشاشات المستقلة ،وانحطت العبارات على صفحات المواقع الحرة، وابتذل أسلوب التعاطي عبر الوسائط الاجتماعية الأخرى لدى الشباب. فتعثر المسار الديمقراطي أكثر من مرة، وساء استغلال جو الحرية والانفتاح، ولم تقض بعد الحرب على الفساد والعبث بالممتلكات العامة . فإلى متى نسير في عكس اتجاه التنمية والتحضر؟.
أَوليس الشباب هو تلك الفئة الاجتماعية الوحيدة المسئولة عن اختراع آلة الربط بين أزمنة الأجيال؛ الماضي والحاضر والمستقبل ؟  ... نعم؛ ولهذا عليه أن يختار مساحة مستقلة للممارسة والتفكير، لأنه مجبر بحكم وظيفته الاجتماعية على أن يأخذ من كل شيء مسافة تمكنه من التقييم والتقدير ، فانحيازه إفراط وانصرافه تفريط . أي أن الشباب يجب أن يظل حاضرا بشكل إيجابي في كل شيء ، وأن تظل مشاركاته فاعلة ومتميزة ،تحفزها غرائز الفضول الإيجابي وتضبطها نوازع الولاء للمشترك من مثل وقيم وأخلاق، ودين ومصالح ووطن، وإلا فسيحدث الانفلات .
أوَليس ما نشاهده الآن من الانخراط في ولاءات ثانوية ضيقة طائفية، وفئوية، وقبلية ....الخ ، مؤشرا سلبيا على مستقبل الوحدة السياسية والاجتماعية لهذا البلد؟. - أَوَ ليس ما يمارسه الشباب الآن من فضول سلبي متهور في الوسائط التواصلية ، والأوساط الاجتماعية والسياسية والاقتصادية هو السبب في شيوع الانحراف والإلحاد ، والقتل والاغتصاب ، وذالك لعمري الشرَّ المستطير والخطر الداهم على مستقبل الأمن والسلم الأهلي في هذا البلد؟ .- أوَ ليس العبث بوشائج المثل و القيم والأخلاق، والكفر بروابط الدين والمصالح والوطن ، هو دقّ آخر مسمار في نعش هوية هذا البلد واستقراره؟ 
أما آن لنا أن نعمل من أجل استغلالٍ أحسنَ لهذه الوسائل التي استحدثت ـ أصلا ـ من أجل تقريب المسافات وتحسين الأداء لبلوغ غايات التنمية والتطور الحضاري، فتنتفض نخبنا السياسية والمدنية من حالة الجمود والاختلاف و اليأس و الكسل حيث الكل مغلوب ومغبون، وتجنح إلى السلم وتتداعى كافة إلى طاولة الحوار حيث الكل غالب ومستفيد. ويترفع إعلامنا عن تناول الغث والرديء من ناشز الرأي والموقف، وتعميم الشائعات. وينشغل بدلا من ذلك في لعب دوره في إشاعة السلم الأهلي وتوعية وتنوير المجتمع ، وصولا إلى خلق رأي عام وطني يقدر حجم التحديات ، ويدرك معنى أهمية الاستجابة للتطلعات العامة، وينتبه شبابنا إلى مخاطر منزلق التيه والضلال الذي تترنح غالبيته الآن على شفا جرفه، ويعي أن لهذا الاندماج الكوني والتقدم العلمي والتطور الحضاري جوانب أخرى مهمة يقود الأخذُ بها إلى سبل مختلفة مفيدة، ويمكن من الظفر بغايات غير غاية "أم الحُليْسْ"لعجوز شهربه ترضى من اللحم بعظم الرقبة". 

  فكثيرة هي الشعوب التي استفادت من الطفرة العلمية والنهضة الحضارية الغربية، وكانت أوضاعها أكثر تعقيدا من أوضاعنا ولم تكن أكثر منا جلدا ولا مناعة. و لكننا لم ننتفض بعد....، وعزاءنا أنا مازلنا نؤمن ونتغنى بمسلمة الشاعر أحمد ولد عبد القادر:
ومـن الليل سابـحـا في الديـاجـي مُـدْلـَهِما تـحـفـه الظـلـمات
يـنبع الفـجر مشرقـا في الأعـالـي تـتهادى بجـنبـه النـسمـات 
محمد الهادي ولد الزين ولد الامام