مؤتمر دولي حول فكر وتراث الشيخ عبد المجيد الزنداني

سبت, 2025/11/22 - 10:07

انطلقت صباح اليوم في مدينة إسطنبول التركية فعاليات المؤتمر الدولي "عبد المجيد الزنداني.. تراثه وفكره"، الذي ينظمه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على مدى يومين، 15–16 نوفمبر 2025، تخليدًا لسيرة أحد أبرز علماء العصر الحديث، وإحياءً لفكره الدعوي والعلمي الذي ترك بصماته في مسيرة الأمة الإسلامية.

استُهل حفل الافتتاح بتلاوةٍ عطرةٍ من القرآن الكريم، تلاها كلمة الدكتور علي العشي، مدير المؤتمر، الذي رحّب بالمشاركين والضيوف، مؤكدًا أن المؤتمر يأتي وفاءً لعالمٍ حمل همَّ الدعوة والعلم والإصلاح، وساهم في ترسيخ منهج الوسطية والاعتدال في الفكر الإسلامي.

عرض تعريفي عن مسيرة الشيخ
تضمّن الحفل تقديمًا تعريفيًا استعرض محطات من حياة الشيخ الراحل، بدءًا من نشأته في محافظة إب باليمن، ورحلته العلمية من الكتّاب إلى الأزهر، مرورًا بدراسة الصيدلة في جامعة عين شمس، وصولًا إلى رؤيته التي قامت على تقديم الوحي بلغة البرهان والدليل.
كما تناول العرض انتقاله مع والده الروحي محمد محمود الزبيري إلى صنعاء إبّان الثورة، وتقديمه برنامج "الدين والثورة" في إذاعة صنعاء، وتأليفه عام 1968 لكتاب التوحيد الذي تربّت عليه أجيال من طلاب العلم، ثم إدارته لمعهد النور العلمي في عدن.
وتوقف العرض عند مرحلة انتقاله إلى الحرمين ثم إلى العالم عام 1978 حيث التقى بكبار العلماء، وأسس الهيئة العالمية للإعجاز العلمي، قبل أن يطلق مشروعه العلمي الأكبر: جامعة الإيمان التي استقطبت طلبة العلم من مختلف دول العالم.
كما أشار العرض إلى دوره في تأسيس التجمع اليمني للإصلاح وترؤس مجلس الشورى فيه، وإلى هجرته الأخيرة إلى إسطنبول التي ظلّ فيها بيته مقصدًا للعلماء والدعاة حتى وفاته في 22 أبريل 2024 عن عمر ناهز 82 عامًا.

كلمة رئيس المؤتمر: مدرسة فكرية ومشروع حضاري
رحّب رئيس المؤتمر أ.د. علي بن العجمي العشي برئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي القره داغي، وبأسرة الشيخ الزنداني وضيوف المؤتمر، مستعرضًا أهمية هذا الحدث العلمي.
وأشار في كلمته إلى شهادة الدكتور عامر الخميسي عن لحظة التحوّل في حياة الشيخ عندما فتح المصحف في سن السابعة عشرة فوقع بصره على الآية:
{والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا} فكانت نقطة انطلاقه في مشروعه العلمي والدعوي.
وأكد العشي أن الشيخ لم يكن فردًا عابرًا، بل مدرسة فكرية ومشروعًا حضاريًا ربط بين الدعوة والعلم، وبين الإيمان والعمل، وجمع بين علوم الوحي وعلوم الكون.
ووجّه شكره للاتحاد العالمي ولجنة الإعداد والجهات الداعمة، معبّرًا عن أمله في أن يكون المؤتمر منطلقًا لدراسات موسعة حول تراث الشيخ.

أسرة الشيخ: إرثٌ باقٍ ورسالة مستمرة
ثم ألقى الشيخ محمد بن عبد المجيد الزنداني كلمة أسرة الشيخ، عبّر فيها عن شرف الوقوف ممثلًا لأهل العالم الجليل.
وأكد أن والده جمع بين فقه النصوص ووعي الواقع، وأسّس مؤسسات علمية رائدة كجامعة الإيمان والهيئة العالمية للإعجاز العلمي، وربّى أجيالًا من العلماء والدعاة.

وقال إن الأسرة كانت جزءًا من رسالته الدعوية، وإن الشيخ كان يؤمن بأن البيت المسلم منطلق للدعوة قبل أن يكون مجرد تجمع أسري.
وأضاف أن إرث الشيخ اليوم تتقاسمه أسرته وطلابه، وأن مسيرته لم تكن محصورة بجماعة أو حزب، بل كانت موجهة لخدمة الإسلام ووحدة صف المسلمين.

كلمة تلامذة الشيخ: الإيمان والعلم كمنهج حياة
وألقى الدكتور فضل مراد كلمة ممثلا عن تلامذة الشيخ، مستذكرًا نصائحه التي تربّى عليها خلال ثلاثين عامًا، ومنها قوله: "إن أردت التمكين فطريقك الإيمان والعمل الصالح"، وربطه الدائم بين العلم والإيمان، وهو ما تأسست عليه جامعة الإيمان.
وأوضح أنه تتلمذ على مواقفه في الحكمة والقيادة والعمل الجماعي، مشيدًا بدوره في صناعة جيل كامل من طلاب العلم الذين انتشروا في أنحاء العالم.

ترحيب تركيا وقراءة رسالة الشؤون الدينية
بعدها رحّب نائب مفتي مدينة إسطنبول بضيوف المؤتمر قبل أن يقرأ رسالة رئيس الشؤون الدينية التركي الشيخ صافي أربغوش التي حيّت المشاركين وقدّرت انعقاد المؤتمر في مدينة الحضارة الإسلامية.

كلمة الشيخ حميد الأحمر: أثر لا يزول وهجرات في سبيل العلم
وأشاد الشيخ حميد الأحمر، رئيس رابطة برلمانيون لأجل القدس، باتحاد العلماء المسلمين الذي وصفه بمنبر الأمة، مستذكرًا علاقة الشيخ الزنداني بالاتحاد وبمؤسسه الشيخ يوسف القرضاوي.
وتحدّث عن قربه من الشيخ في رحلاته الدعوية داخل اليمن، وعن أثره الكبير ببساطته وحكمته.
كما دعا إلى إنشاء موسوعة شاملة لتراث الشيخ، واستكمال مشروع جامعة الإيمان بدعم من الدول المهتمة، مؤكدًا استعدادهم للمساهمة في ذلك.

كلمة حول مكانة العلماء ودور الشيخ في الإيمان والعلم
وتحدّث عدد من المشاركين عن قيمة العلماء ودورهم في التذكير وبناء الوعي، مشيرين إلى أن الشيخ الزنداني جمع بين النصوص الشرعية والعلوم الكونية، وكان قريبًا من قضايا الأمة، خصوصًا في سنواته الأخيرة التي قضاها في إسطنبول.

رئيس فرع الاتحاد بتركيا: العلماء أحياء بعلمهم
وفي كلمته، أكد الشيخ عبد الوهاب أكنجي أن العلماء لا يموتون ما داموا قد تركوا مؤلفات ومؤسسات وطلابًا يحملون رسالتهم، مشيرًا إلى أن الوفاء للعلماء واجب، وهذا المؤتمر أحد صور الوفاء لذلك العالم الجليل.

نائب رئيس الاتحاد: أمةٌ في رجل
ثم تحدث الشيخ الدكتور عصام البشير، مستعرضًا ثلاث محطات في حياة الشيخ:
دوره في الثورة اليمنية وإحياء خطاب الإيمان ووعي الأوطان إلى جانب الزبيري.
تأسيس الإعجاز العلمي وتعاونه مع كبار العلماء كالشيخ زغلول النجار.
إسهاماته في النهضة الفكرية من خلال جامعة الإيمان والتجمع اليمني للإصلاح ومشروع حكماء الأمة.
ووصف الشيخ بأنه كان "أمةً في رجل"، وأن حياته كانت سلسلة من المبادرات الإصلاحية وإيقاد الشموع لا لعن الظلام.

كلمة رئيس الاتحاد: مشروع عقل وإيمان
واختتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة الشيخ الدكتور علي القره داغي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي شكر تركيا وإسطنبول على الاستضافة، ودعا أسرة الشيخ إلى تشكيل لجنة للعناية بتراثه وتوثيقه.
وأكد أن الإمام الزنداني كان يجمع بين العقل المستنير بالوحي والرحمة والعزة، وأن كثيرًا من جهود الإعجاز العلمي في السنة النبوية إنما تأسست بجهوده.
وأضاف أن المؤتمر خطوة أولى ستتبعها مؤتمرات أخرى مخصصة لمشروع الإعجاز العلمي الذي أسسه الشيخ، واختتم بالدعاء لغزة والسودان.

محاور المؤتمر
ويُشار إلى أن المؤتمر، الذي يستمر على مدى يومين، يضم ثمانية محاور علمية رئيسية تتناول الجوانب الفكرية والعلمية والدعوية في تراث الشيخ عبد المجيد الزنداني، بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين من مختلف الدول الإسلامية، في خطوة تهدف إلى توثيق إرثه العلمي وإحياء فكره الدعوي المتجدد.