
بعد عشر سنوات من خروج الثكنة ودخول قمرة القيادة في القصر الرمادي، بعد سبع سنوات من آخر مهمة " قتالية " للكتيبة سمحت " بوضع حد" لحكم أول رئيس مدني منتخب، وبعد أخبار مقلقة عن تخلي الرئيس عن "جنراليته"، وتفريط الكتيبة في أسلحتها جاءت الأخبار المطمئنة من القصر أن الجنرال والكتيبة اجتمعا من جديد وأن ما تم تداوله عن تفريطهما في الثوابت لا أساس له إنه مجرد أضغاث أحلام لدى الثوار العجزة.
بإمكان الحادبين على موريتانيا الأعماق، المؤمنين أن حلف الجنرالات وبالغي سن اليأس الديمقراطي ، هو الضمان الرئيس لبقاء الكيان الموريتاني، بإمكان هؤلاء تنفس الصعداء والنوم الهادئ ودعوة المعارضة لتجاوز خلافاتها والدخول في حوار جدي يسمح بشحذ الأسلحة من جديد ويعطي فرصة لتحريك ميزانيات أسواق النخاسة، ويفتح الباب أخيرا أمام النسخة الخامسة من حكم الرئيس الجنرال ( النسخة الأولى كانت من 2005 حتى 2007 والنسخة الثانية 2007-2008 والنسخة الثالثة 2008-2009، أما النسخة الرابعة فهي من 2009-20015).
المعلومات التي وزعها بسخاء وعدالة أفراد الكتيبة الخارجين منتشين من لقاء الجنرال برأت الرئيس الجنرال من كل التهم التي حاولت ألسنة مغرضة أن تلصقها به خلال الأسابيع الأخيرة، فهو مستعد للحوار لكنه يعتقد أن بإمكان الحوار أن يتم دون أن يقدم الحاكم أي تنازلات، وهو مستعد للتوافق مع الجميع وإشراك الجميع دون أن يعيد الانتخابات البلدية والبرلمانية ليشرك هذا الجميع في الوجود داخل المؤسسات التشريعية، وهو مؤمن بحرية الصحافة لكنه يستمتع بإفلاس وانهيار مؤسسات الإعلام السمعي البصري، وفخامته مقدر لدور الصحافة لكنه يعلم أنها تهدد الوحدة وتحرض على الفتنة، وهو معني بالمحافظة على المكتسبات ويؤكد على أن الدستور لن يتم تعديله في الحوار بل من خلال استفتاء شعبي يا لروعة الاكتشاف الدستوري، لن يتم تعديل الدستور في الحوار سيتم ذلك من خلال استفتاء شعبي، سأرفع قضية ضد الموالاة بتهمة الخيانة العظمى إن لم يتم تسجيل هذا الاختراع في مؤسسات الملكية الفكرية باسم صاحب الفخامة.
أطرب الرئيس الجنرال الكتيبة في أكثر من محطة فتبددت أوهام الظانين بها سوء، فقد كان التصفيق حارا بالأيدي والألسن والقسمات والأرجل،ووووو....
قدم أفراد الكتيبة عروضا استثنائية مشددين على ضرورة وضع حد للصحافة وحريتها التي لم تجلب سوى البلاء والخراب وحرمان الناس من حقهم بالتمتع الحصري بالرواية الحصرية لما يجري عبر حراس بوابات الجمهورية عفوا أقصد الكتيبة.
جدد الأشاوس المقاتلون عرض قدراتهم القتالية لدحض رهانات بعض المعارضين الحواريين، فالبلد بخير لا أزمة لا مشكلة من أي نوع، الخزينة تفيض والبنى التحتية استكملت وإفريقيا هاهي تنتحب لأن قوانينها البائسة "العبيطة" حرمتها من عام أعوام عقد عقود من رئيس رؤسائها المنتخب محمد ولد عبدالعزيز.
وفي شمال البلاد حيث يرقد جنرال احتياط على المليارات التي "امتلأ" منها وامتلأت موريتانيا وفاضت " الكأس " المترعة حتى وصل فيضها كل من وصله بيان " انيو " المبهر، كان لازويرات نصيب أسد مقاتل من أسود الكتيبة بله من كلمة سيد الكتيبة من لطفه وعطفه وحنانه وحواريته ووطنية الفياضة، فهؤلاء المضربون يستحقون وعدا جنراليا بعدم السماح لأحلامهم الطائشة بالتحقق، تقتضي الرحمة الجنرالية أن لاتثقل كواهلهم بتحقيق أي مطلب، ويفرض التكرم الرئاسي أن تتم إراحة عائلاتهم من نصب تحضير الوجبات فمع نهاية الشهر سيكون على السادة الأطر والعمال في الشركة الغنية استقبال نصيبهم من توزيع الموجود من العدالة مع اعتذار عن تأخر الوصول.
إنها فرصة يتضامن فيها المضربون مع سكان أحياء الفقر في نواكشوط ونواذيبو، يبيتون لياليهم كما يبيتها سكان "نتك" والبصرة والكوفة ولغريكة، ستكون فرصة لسياراتهم لتستريح فتتحسن البيئة وتعزز فرص البقاء في البيوت ربما يعلن في وقت لاحق عن موسم البقاء في البيت تجديدا لعهد وذكرى العقيد الملهم في حملة العودة للأهالي.
بقي أن أقول ختاما إنني كصحفي أشعر براحة كبيرة هذا الصباح فقد أراحني لقاء الكتيبة والجنرال أمس من سؤال ظل يطاردني وظلت أطارده خلال الأسابيع الأخيرة وهو سؤال ما الذي تغير حتى تفتحت أسارير الحوار بهذه السرعة، وتغيرت لغة الكلام وخاطب الرئيس الجنرال شركاء الوطن بلغة الحوار والاحترام... بإمكاني الآن أن أحط عصى الترحال بحثا عن الجواب على سؤال ماالذي تغير لقد ظفرت بالإجابة كاملة من لقاء الأمس، بودي أن بإمكاني أداء التحية العسكرية للكتيبة وقائدها لكني لا أستطيع، أما لماذا لا أستطيع فذلك سؤال أعلن استعدادي لحوار وطني شامل لشرح ملابساته أقترح على السادة المعارضين درس العرض بشكل جيد فربما يكون عرض الحوار الجدي الوحيد في الأفق الآن.