انتخابات أمريكا بين إغراء المال وخبرة السياسة

ثلاثاء, 2016/11/08 - 13:03
الكاتب محي الدين ولد المهدي

غدا تختار الولايات المتحدة رئيسها الخامس والأربعين، سيدة في السبعين من العمر تتكأ على خبرة ثلاثين سنة من العمل السياسي التقليدي لا تعد بمستقبل زاهر ولا بتغيير شامل فقط أربع سنوات أخرى من سنين أوباما ، وبيليونير قادم من مانهاتن ابن مالك عقارات ألماني، لا خبرة له بالسياسة لكنه يحمل وعدا بالتغيير و بتفريغ مستنقعات واشنطن، ملامح مشروعه السياسي غير واضحة لكن بها شبها ب بدايات الرايخ الثالث. 
كيف يتم اختيار الرئيس في أمريكا؟
السياسة في أمريكا معقدة و الحملات الانتخابية طويلة و أحيانا مملة، ومع وفرة المرشحين في بداية السباق فقد فشلت الآلية الديمقراطية في إفراز مرشحين أفضل من هيلاري و ترامب. في أمريكا إذا قررت أن تشتري حليبا، ستجد الطبيعي و المصنع، بعشر أحجام و بدرجات دسم مختلفة، إذا اردت شراء قميص ستجده بمئات الأحجام و الألوان و التصاميم، لكن في السياسة هنالك خياران لا ثالث لهما، ديمقراطي و جمهوري، يحتاج المرشح للحصول على 270 صوتا انتخابيا من أصل 538 موزعة على الولايات الخمسين )سكان الأقاليم الأمريكية لا يحق لهم التصويت في الانتخابات الرئاسية( هنالك ولايات تاريخيا تصوت لحزب واحد وعموما الولايات المطلة على البحر مثل نيورك، ماساشوستس و كاليفورينا و ولاية واشنطن )ليست العاصمة( ولايات ديمقراطية، و ولايات الوسط و الجنوب جمهورية، مثل كنتاكي، تنيسي، تكساس، آلاباما. و هنالك ولايات متأرجحة مثل فلوريدا و أوهايو و فرجينيا و نورث كارولينا، هذه الولايات تضم عادة مدن صناعية بها طبقة بيضاء كادحة و متقاعدون و مناطق ريفية بها بيض يصوتون غالبا للجمهوريين، و مراكز حضرية تضم أقليات، و طبقة وسطى تنحاز للديمقراطيين. 
ماهي حظوظ المرشحين: ترجح جميع المؤسسات الإعلامية الكبيرة، و مؤسسات البحث فوز هيلاري كلنتون، تاريخيا الخريطة الانتخابية أسهل على الديمقراطيين، لكن تاريخيا أيضا آخر مرة يفوز الحزب الديمقراطي بثلاث استحقاقات رئاسية متتالية كانت قبل قرن و نصف. 
ما الذي سيتغير مع الرئيس القادم في العالم العربي؟
إذا نجح ترامب، ستتغير الخريطة السياسية في الشرق الأوسط بشكل كبير، ترامب لا يخفي إعجابه بالسيسي و ببشار وبوتن، ترامب لايهتم لحقوق الانسان و تجذير الدمقراطية، وهو يميل للرئيس العسكري القوي، ما يهمه هو قدرة الحاكم على صد الحركات المتشددة. و عدو عدوه صديق . لكن ترامب غير المتزن يبقى خطرا على العالم، خصوصا إذا ما علمنا أنه قال مرة لمحدثيه: ما فائدة السلاح النووي إذا لم يتم استخدامه.
أما هيلاري فسياستها امتداد لأوباما، تتساوى مع غريمها في الولاء المطلق لإسرائيل، أيضا تعهدت بإنشاء منطقة عازلة في سوريا لحماية النازحين، كما تعهدت بدعم " الديمقراطية في المنطقة" ، من الراجح أن وزارة الخارجية في عهد هيلاري ستعارض أي تمديد للحكم أو تغيير للدستور لزيادة صلاحيات حاكم أو لإبقاءه في الحكم بعكس ترامب، أيضا ستستمر السياسة الأمريكية التقليدية في السعي لقلب أنظمة الحكم و خلق بؤر توتر، الفارق الوحيد هو أن المزاج العام في أمريكا ضد هذه السياسة، و الشعب الأمريكي متعب من الحروب الطويلة و الغير مجدية. 
هذه ملاحظات كتبتها على عجالة بعد أن لاحظت أن تغطية القنوات العربية لانتخابات الرئاسة في أمريكا سطحية جدا و بعض المراسلين يجهل أبجديات السياسة و تاريخ الأحزاب.