التأمت الثلاثاء 17 نوفمبر 2015 في فندق موري سانتر بالعاصمة الموريتانية نواكشوط فعاليات اليوم الأول من المنتدى الدولي للاقتصاد والمالية الإسلامية في نسخته الأولى تحت عنوان "التمويل الإسلامي في خدمة التنمية المستدامة" ضمت افتتاح المنتدى والعديد من جلسات النقاش والمداخلات من خبراء وطنيين ودولين في مجال البنوك والمصارف الإسلامية.
وكان حفل افتتاح المنتدى الذي ينتظم في الفترة ما بين 17 - 18 نوفمبر 2015 مناسبة لتحدث كل من الأمين العام لمركز شنقيط للمالية الإسلامية والأمين العام للملتقى من أجل التنمية والمواطنة المنظمين للمنتدى، حول فكرة إقامة المنتدى والأهداف المرجوة منه على الصعيدين المحلي والإفريقي والدولي، كما تحدث كل من ممثل رعاة المنتدى والرابطة المهنية للبنوك حول مدى أهمية هذا النشاط الدولي الهام الذي يستقطب خبرات وتجارب رائدة في مجال المعاملات الإسلامية المالية.
وكانت جلسة النقاش الأولى حول موضوع الرؤية الإسلامية للتنمية في ضوء مقاصد الشريعة يقدمها الدكتور عز الدين خوجه الرئيس المدير العام لبنك الزيتونة بتونس، وحاضر فيها الشيخ محمد الحسن ولد الددو رئيس جامعة عبد الله بن ياسين، تطرق فيها من خلال تمهيد شرعي إلى مواضيع تخص ضرورة كون الإنسان ثقة وعادلا في التعامل مع الآخرين، مؤكدا أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم عدول، بالإضافة إلى ضرورة "كون الإنسان ساعيا في التنمية فالإنسان المنتج هو المشارك في التنمية"، مضيفا: "لا بد أن تنظر وقت معاملتك مع الناس أنك مستخلف، وأن الشريك شريك للجميع ورأس المال الثقة، التي تبنى وتحتاج إلى تصميم وتخطيط، والثقة أساسها تصحيح المعاملة مع الله تمهيدا لتصحيحها مع الناس".
وتساءل الشيخ ولد الددو خلال محاضرته: هل تستطيع الدولة أن تقدم كل شيء وتقوم بالواجب لوحدها؟، مؤكدا "أن ذلك لا يصح فقد فشلت في ذلك الاشتراكية، وأنه لا يمكن أن تكون الدولة تملك كل الخيرات فذلك ما فشل فيه الشيوعيون، بالإضافة إلى فشل اللبراليين حين أرادوا تحرير المجال وجعل مقاليد الأمور في يد القطاع الخاص بشكل كامل".
وأشار الشيخ الددو في محاضرته إلى خطورة ما يقوم به العديد من الناس الذين يتعاملون مع البنوك التقليدية على أنها "مستغرقة الذمة" أي يجوز أن يتحايلوا عليها، والأمر نفسه يفعلون مع البنوك الإسلامية وذلك خطأ كبير وإثم، بالإضافة إلى "خطورة عمل بعض الأفراد الذين يملكون عقلية تجارية ولا تمت بصلة بالدراسة الواقعية للسوق، ولا تعتمد على دراسة جدوائية وبالتالي يكون تحليلهم للواقع غير واقعي، وقد يقنعون بعض المستثمرين بمدى ازدهار المجال المعين ويكونون بذلك مضللين".
الدكتور والاستاذ الجامعي محمد ولد عبد الدائم أستاذ التسيير بجامعة نواكشوط قال في تعقيبه على الشيخ الددو "أن الشريعة الإسلامية حسب ما أوضح الشيخ اهتمت بالاستخلاف إلى جانب قضايا مهمة في موضوع التنمية التي ليست هي النمو، بل التنمية تتخطى ذلك المفهوم إلى مفهوم أوسع، فصارت هنالك التنمية المستقلة، والتنمية المتوازنة، والتنمية المستدامة".
وأشار ولد عبد الدائم إلى أن العالم اتجه عام 2000 إلى وضع ما يصطلح عليه أهداف الألفية للتنمية، وأهداف التنمية المستدامة التي تتكون من 17 هدفا يسعون لتنفيذها بحلول أعوام، في جانب آخر ، يؤكد "أن غياب البعد الأخلاقي في المعاملات هو ما أدى إلى وقوع العديد من الأزمات المالية، وأن العديد من القوانين المالية المشهورة والتي تدرس في جامعات الاقتصاد هي قائمة على الأخلاق والقيم المستمدة من الشريعة الإسلامية، فمثلا قواعد "ماسلو" هي في الحقيقة ترجمة لأفكار الشاطبي من مقاصد الشريعة الإسلامية".
وأشار ولد عبد الدائم إلى مدى نجاعة المالية الإسلامية وخاصة ما أشار إليه الشيخ من القواعد الخمسة التي وضعها عثمان بن عفان بعد سؤاله كيف أصبحت صاحب بسطة في المال وهي: "كنت أعالج، وأنمي، ولا أزدري ربحا، ولا أشتري شيخا، وأجعل الرأس رأسين" وهي تشير إلى أهمية التنمية وعدم ترك الفرص الربحية تضيع، بالإضافة إلى عدم الاستثمار في مواد منتهية الصلاحية أو قريبة الأجل، وتنويع فروع الاستثمار والمشاريع لتفادي الوقوع في الخسارة المدمرة، مؤكدا أن تلك النقاط هامة في النظر إلى الرؤية الاقتصادية الإسلامية المتبصرة.
وفي مداخلة محمد غضبان نائب رئيس مؤسسة Tenstep – tunisia من تونس اعتبر أن مقولة أحد الفلاسفة "علم بلا دين أعمى، ودين بلا علم أعرج"، مشيرا إلى مدى نجاح التجربة الإسلامية المالية في التكامل بين الاقتصاد والفقه، وضرورة عمل المؤسسات والرؤى المالية العربية في مجموعة مؤكدا أن العرب ابتعدوا عن العمل في صف واحد وهو ما يؤثر على تفاهمهم في مجال العمل الاقتصادي، وهو ما نجح فيه الغرب.
وأكد غضبان أن ما ينقص المؤسسات المالية هو القيام بتخطيط إستراتيجي يهتم بتحديد نقاط القوة والضعف لتتمخض عنه محفظة مشاريع، تكون أساسا لافتتاح مكتب مشاريع إقتصادي، بالإضافة إلى معالجة إعلامية تدخل في التوعية والتعريف بالمشاريع، من ثم تكون هناك مؤسسات تنظر كل عام في النواقص من أجل تعويضها، مؤكدا أن ذلك ما سوف يساهم في وضوح الرؤية المالية العربية.
الدكتور عز الدين خوجه الخبير في المالية الإسلامية والرئيس المدير العام لبنك الزيتونة من تونس الذي يقود جلسة النقاش عقب على مداخلة الشيخ ولد الددو قائلا: "إن لدينا في الفقه الإسلامي ما إن تم التمسك به لحدث هنالك تطور في الحياة مضيفا "أن أكبر دليل على ذلك هو البنوك الإسلامية المبتكرة في منهجها وخط عملها وليست مستخلصة أو مستنسخة من النماذج الأخرى".
وكان موضوع الجلسة النقاشية الثانية هو الحلول الإسلامية لمشكلات تمويل التنمية في إفريقيا، وضمت عدة عناصر: كلمة ممثل البنك الإسلامي للتنمية، وتقديم لنتائج الدورة الثانية للقمة العالمية للاقتصاد الإسلامي دبي 2015 من إعداد الدكتور عبد الله محمد أواه، والمشكلة الاقتصادية في المفهوم الإسلامي للتنمية: إسقاطات على حالة موريتانيا، أعده الدكتور محمد ولد عبد الدائم.
وضمت جلسة النقاش الثانية الحديث حول موضوع تبادل الخبرات الناجحة في مجال المالية الإسلامية من خلال التجربة التونسية "الواقع والآفاق"، قدمها د عز الدين خوجه الرئيس المدير العام لمصرف الزيتونة التونسي، وخلاصة التجربة السنغالية في المالية الإسلامية قدمه الخبير الدولي في المالية الإسلامية منصور إنجاي من السنغال، وآفاق المالية الإسلامية في أوروبا من تقديم قادر مربوح المدير التنفيذي لماستر المالية الإسلامية المكلف بالتعاون الدولي – منطقة الشرق الأوسط في جامعة دوفين بفرنسا، بالإضافة إلى كل من: التجربة الموريتانية الابداعات والنتائج والاتجاهات الجديدة قدمها مسؤولواالبنوك وشركات التأمين، وكيف نستفيد من التجارب الناجحة في مجال التنمية الإسلامية قدم الموضوع محمد غضبان نائب رئيس مؤسسة Tenstep – Tunisua.
كما تميزت جلسة النقاش الرابعة سؤالا وهو: أية حلول لمشاكل تمويل الشركات؟ يضم ثلاثة محاور للنقاش هي: رأس مال الاستثمار كحل لتمويل القطاع الخاص الإفريقي، قدمتها كبيرة اختصاصيي الأسهم الخاصة "لاليا كامارا" من السنغال، والحلول الإسلامية لتمويل الشركات قدمه محمد ولد الشيخ عبد الله خبير محاسبي والمدير العام AFACOR، والصكوك كحل بديل لتمويل المشاريع الكبرى في إفريقيا قدمه د.محمد فال ولد اباه خبير ومحاسب ومدير عام مؤسسة "ألف" للاساتثمار.