
لم نعش(إخوتي وأنا) مع طبقتنا(طبقة الأرقاء السابقين)..
لقد استفدنا من التحاق الوالد بالمدرسة الحديثة؛ فتحت ضغط الحاكمالفرنسي، سجله الأسياد السابقون فيها مبكرا، فداء لأطفالهمالصغار، الذين يخافون عليهم من الكفر!
لقد حصد الوالد رحمه الله شهادات عليا وتقلد مناصب سامية فيالدولة، وحرص، طيلة حياته، على تعليمنا تعليما جيدا..
...
الشيخ أخي الأكبر العمدة المركزي للمقاطعة، عقد شراكات ناجحة مععدة مؤسسات وطنية ودولية مكنته من الحصول على ثروةكبيرة(مرضى القلوب يتهمونه بالاستحواذ على تمويلات ضخمة منمشاريع وطنية إبان تسييره لها).
وهو الآن مستثمر ناجح في قطاعي الصيد والمقاولات.
أما موسى فقد قاد مؤسسة إقليمية تعنى بالاستصلاح الريفي عدةسنوات.
وهو الآن موظف سام في الدولة ومستثمر مرموق في قطاعي الزراعةوالتجارة.
أعمامي الأربعة ظلوا متمسكين بالحياة التقليدية..
فضلوا استخدام الأطفال لمساعدتهم في الأعمال اليومية.. في الزراعةالمطرية، في الماشية، وفي المنازل..
وضعهم المادي الصعب أجبرهم على ذلك، والموقف الشرعي، السائدأنذاك، المحرم للمدرسة ساعد فيه أيضا!
الكثير من أبناء عمومتنا يعيشون الآن في الأحياء الشعبية..
يزاولون بعض الأعمال اليدوية البسيطة..
ملامح الفقر بادية عليهم وعلى أطفالهم..
لايزال الكثير منهم محتاجا إلى عمل هؤلاء الصغار، ولو بعد الظهيرةوفي أيام العطل!
من بقي من أبناء عمومتنا في البادية ليسوا أحسن حالا من هؤلاء!
نشاطهم الزراعي لايزال بدائيا..
تظل حقولهم خاوية على عروشها، أغلب شهور السنة...
خلال موسم الأمطر فقط تدب الحياة في القرية وتبدأ الخضرة تكسوالحقول..
الغلات المحدودة التي يحصدونها في كل موسم يستلمها التجار مقابلالديون المتراكمة منذ عدة شهور؛ ليضمنوا الحصول على زادهم طيلةالفترة التي تسبق الحصاد القادم..!
...
وضعية أبناء عمومتي السيئة وتحكم التجار في أرزاقهم..
وشيوع الأمية والجهل بينهم وغياب التخطيط والنظرة الاستشرافية فيجميع أعمالهم، بالإضافة إلى التمييز العنصري الذي يمارس ضدهمباسم الدين..
أمور جعلتني أنذر حياتي للدفاع عنهم والعمل على تغيير حياتهم نحوالأفضل ومساعدتهم في تعليم أطفالهم وتطوير أنشطتهم...
أسست، لهذا الغرض، منظمة للدفاع عن حقوق العبيد والعبيدالسابقين..
بدأت في تكوين الشباب والنساء على العمل الجمعوي..
أسست صندوقا لدعم التعليم والزراعة في المنطقة..
خطبي النارية وتعريتي للمواقف المخجلة للسلطة والمجتمع من وضعيةالشريحة، واستخدامي للألفاظ الأشد لسعا وفحشا كانت ملفتة..!
أسلوبي الخاص مكنني من جذب أعداد كبيرة من الشباب والفتياتالحالمين بغد أفضل..
خطاباتي الملهبة للمشاعر حفزت هؤلاء على الانخراط في أنشطةالمنظمة والبذل لصالحها..!
استقبلت مساهمات سخية من خيرين عديدين، بالإضافة إلىمساهمات رمزية يقدمها الأعضاء المنتسبون للمنظمة..
حصل الصندوق، في فترة وجيزة، على موارد معتبرة يمكن أن تقدمالكثير، لكن طموحنا كان أكبر..!
أعددت ملفا متكاملا بالصوت والصورة عما تعانيه الشريحة واتصلتبالمنظمات الدولية(مستفيدا من علاقات كونتها بالخارج زمنالدراسة)..
تلقيت دعوات عديدة من جهات خارجية مختلفة..
موارد الصندوق التي حصلنا عليها، كنا نفضل صرفها لصالحالبرنامج الاستعجالي المتعلق بدعم التعليم والزراعة، إلا أن العروضالمغرية التي وصلتنا من الخارج، جعلتنا نؤجل ذلك الخيار، ونقرراستخدام المتوفر منها، في اللازم لتلبية هذه الدعوات!
المتوفر _ على أهميته_ بالكاد يكفي لتغطية تكاليف التذاكر والإقاماتفي الفنادق هناك!
الجولات المتعاقبة التي قمت بها حول العالم، حصدت من خلالها ثروةمعتبرة، وفتحت أمامي آفاقا أوسع لتحسين الأوضاع، وكشفت لي عنطرق للتغيير أسرع وأشمل مما كنت أتخيل، فعدلت عن دعم التعليموالزراعة في القرى والأرياف وأحياء الصفيح!
حكاية من وحي الخيال تروي جانبا من إسهامات الحقوقي في تغييرأوضاع الناس.
حفظ الله بلادنا من كل مكروه وزادها رفعة وأمنا ونماء
الديماني ولد محمد يحي
.jpg)
.jpg)