في إحدى زويا مسجد الحرمين بالكلمتر 10 بالرياض يعكف سيلمان جالو على إنهاء ختمته الثانية في رمضان قبل موعد الإفطار وذلك في نهاية يوم تربوي اشتمل على دروس ومواعظ وقراءات قرآنية، إنه لا يفكر في العودة إلى منزله في الميناء بعد ما علم بوجود إفطار جماعي بالمسجد مما يوفر عليه الكثير من الوقت والجهد ويسمح له بقراءة ورده اليومي بتدبر وبنية الرباط في بيب من بيوت الله.
على مقربة كان أحد طلاب محظرة المسجد يراجع محفوظاته من نظم ابن عاشر وهو لا ينوي الخروج من رباطه في المسجد قبل حلول الظلام ، وعلى غير المعتاد لن يتجشم اليوم مشاق انتظار المواصلات ولا زحمة المرور في طريقه إلى مسكن عائلته بحي الدار البيضاء بالميناء.
في مسكن الإمام الملحق بالمسجد كان العمل يجري على قدم وساق لتجهيز الإفطار في الموعد المحدد متطوعات يباشرن تقشير البطاطس وتقطيع اللحوم والخضروات لإعداد وجبة الإفطار الرئيسية، فيما يعمل الإمام وبعض من معاونيه في تهيئة أطباق التمور والفاكهة وتوزيع علب الحليب والمياه المعدنية على سفرة المائدة.
يوم غير اعتيادي
إنه يوم غير عادي في مسجد الحي الذي يقع في واحدة من أفقر مقاطعات نواكشوط، وهو كذلك بالنسبة للجيران الذين لم يألفوا الموائد الممتدة من داخل المساجد، ولم يعتادوا منظر تجهيز مثل هذه الافطارات الجماعية في حيهم الفقير.
بعض الأطفال دفعهم الفصول لتسور مبني المسجد ومتابعة المشهد عن كثب، فيما لم يتح لآخرين سوى الفرجة من بعيد وأمارات الدهشة والإعجاب تعلو وجوههم البريئة!!
مع اقتراب الغروب تحلق الجميع حول سفرة الإفطار الجاهزة وهم ينتظرون سماع الآذان فيما لايعول البعض إلا على غروب الشمس فلكيا مادام من السنة تعجيل الإفطار، جدل لم يقطعه سوى صدى صوت أذان المغرب ليبدأ الجميع في تناول تمرات السنة وحسوات الماء القراح قبل أن أكل قطع الفاكهة وتناول وجبة الإفطار الرئيسية.
إمام المسجد الداعية سعدنا ولد المصطفى وبعض من القيمين على جمعية التعاون للأعمال الخيرية كانوا في خدمة المفطرين بالاستجابة لطلباتهم وتنظيم الجلوس وتهيئة مكونات المائدة.
رباط وتعاون على البر
الأستاذ سليمان جالو قال إن مثل هذه الإفطارات عمل خير وقربات متقبلة إن شاء الله فهي مما يعين على المرابطة في المساجد وتعزز من أواصر الأخوة الايمانية وهي نوع من التعاون على البر والتقوى ، وعلى سبيل المثال فقد تمكن من تلاوة خمسة أجزاء من القرآن الكريم قبل موعد الافطار واستفاد من الدروس المقدمة وهو مالم يكن ليقوم به لولا الإعلان عن هذا الافطار وبالتالي المكوث في المسجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة والذي هو الرباط هو الرباط كما في الحديث.
ويقترح جالو أن تكون الإفطارات بشكل يومي وأن يكون هناك انتقاء للمساجد التي تنظم فيها مع التركيز على مساجد الأحياء الفقيرة والتي عادة ما توجد بها محاظر قرآنية مكتظة وتلاميذتها من الفقراء الذين لا يجدون حيلة ولا يتهتدون سبيلا.وذلك مثلمحظرة الإمام عبد العزيز سي بحي الدار البيضاء ومحظرة المصحف الشريف بعرفات وغيرها الكثير.
قربة وتطوع
أما إمام مسجد الحرمين الداعية سعدنا ولد المصطفى فقد وصف الإفطار بالعمل المهم لإحياء دور المسجد ورسالته في الإصلاح والتوجيه وفيه تشجيع على المرابطة بالمسجد وعون للفقير وذي الخلة سواء من جيران المسجد أو من عابري السبيل.
ومن المعوقات –يقول فضيلة الإمام –إنها لما تصبح ثقافة لا لدى المواطن ولا فاعلي الخير، مع ضرورة مواكبتها لبرنامج تربوي من داخل المساجد المقررة لمثل هذه الافطارات وهو ما يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى فاعلو الخير وأئمة المساجد المنتدبين لتنظيم هذه الافطارات.
وعن رسالته للقائمين على الإفطارات من جمعيات ومتبرعين فهي أن لايشوش عليهم من يبخل ولا ينفق ومن لسان حاله "لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا .." فلهم الأجر إن شاء سواء وصل الخير إلى من يستحقه أم لا ؟ وعليهم أن يدركوا أنها أمانه فيتقوا الله فيها ويؤدوها على أحسن وجه إلى المحتاجين والفقراء .
إفطارت مسجدية وسلات غذائية
من جهته قال مسؤول المشاريع بالجمعية بلاها ولد يحي -والذي واكب فعاليات الحدث -إن الإفطار ات المسجدية هي جزء من حملة مشروع الصائم التي أطلقتها جمعية التعاون للأعمال الخيرية بداية الشهر الكريم وتشمل العاصمة نواكشوط خاصة مقاطعات الرياض وتوجنين وعرفات والرياض وذلك بالتعاون مع أئمة المساجد المقررة للإفطارات ويتسع الإفطار ما بين 70إلى 100صائم عن طريق توفير وجبة إفطار متكاملة تشمل التمور والالبان والفواكه ووجبة أسياسية من اللحوم والخضروات.
وإلى جانب الإفطارات المسجدية هناك مكونة السلات الغذائية التي توزع على الأسرة المحتاجة وأمهات الأيتام المكفولين من طرف الجمعية وتعد الجمعية لتوزيع أكثر من 285 سلة غذائية .
ثم التعاون مع الجمعيات الخيرية العاملة في الميدان ومكونة إفطارات الداخل الموريتاني والتي تشمل هذا العام أزويرات والطينطان وأدرار .
.jpg)