
بين الفلل والعمارات حيث تعرف حركة العمران وتيرة متسارعة بحي "صكوكو" في ولاية نواكشوط الغربية، وتحت عريش متواضع تقطن أسرة تتألف من الأم خديجة أحمد الطالب وأبناؤها أحميدو ولد إبراهيم ومصطفى ولد محمود.
الطفل مصطفى الابن الأصغر لخديجة الذي قالت إن حلمه تحطم فى مواصلة الدراسة على صخرة المنع، بسبب تفشي جائحة كورونا في موريتانيا خلال الموجة الأولى التي ظهرت أول إصابة منها مارس 2020 والموجة الثانية التي كان ظهور لها نهاية العام 2020 وبداية العام الجاري 2021.
جيل كورنا
فيروس كورونا رسم بوضوح معالم حقيقية لها أوجه عديدة سواء كان ذلك من ناحية المرض نفسه وآثاره المدمرة على الأطفال والتي مست جوانب متعددة من حياة المجتمع الموريتاني، أو من ناحية التجارب الشخصية لكل عائلة، إضافة للقلق الذي يرتبط ببعض أذهان الأطفال بشأن مايخبئه لهم المستقبل.
محمد الأمين أحمد سالم مدير مدرسة نظامية بأحد الأحياء الشعبية في العاصمة نواكشوط قال إن عدم ذهاب الأطفال إلى المدرسة أثناء الموجتين الأولى والثانية تجاوز مجرد الملل أوفقدان التواصل بينهم في القسم.
وتابع قائلا: "قد يعاني بعض الأطفال من آثار سلبية وخيمة على قدراتهم الإدراكية والمعرفية بل وعلى مشاعرهم".
وأشار ولد أحمد سالم إلى أن الأطفال والمراهقين سيتذكرون الأيام التي قضوها في الحجر الصحي مردفا أن كلا منهم سيتذكرها بطريقته الخاصة حسب التجارب التي عاشها.
وأكد ولد أحمد سالم أنه لا يمكن التنبؤ بماسيكون عليه جيل الشباب في مجتمع الغد.
وأضاف ولد أحمد سالم ومع ذلك يمكن القول إن عوالمهم ستتغير لأن عوالم الكبار ستتغير بلاشك، ولهذا تكمن أكبر مخاوفنا بمعرفة الآثار المترتبة على عدم التحاق الأطفال بالمدارس أثناء فترة الوباء.
وقال ولد أحمد سالم إن عدد التلاميذ المسجلين في التعليم ما قبل الابتدائي و حتى الثانوي بلغ 928,218 حسب إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة التهذيب الوطني.
الأكثر تعرضا للخطر
ويعد انعدام التعليم أكثر خطورة على الأطفال الصغار الذين لايزالون في طور تعلم القراءة والكتابة خلال الفترة بين أربعة وخمسة أعوام.
وتعد هذه المرحلة من المراحل التي تشكل نقلة نوعية كبيرة لدى الأطفال لتنمية العمليات المعرفية والحركية للدعم المستمر في تنفيذ مايكلفون به من طرف معلميهم داخل الأقسام.
وأدى تفشي فيروس كورنا إلى تغيير الركائز التي بنيت عليها المجتمعات الحديثة التي من بينها انقطاع الأطفال عن الدراسة بسبب الفيروس، حيث تعد العزلة الاجتماعية جراء انقطاع الدراسة وانعدام الوسائل التقنية - على الأقل في المراحل الابتدائية - بموريتانيا لدى الأطفال من الإشكالات التي تثير سيناريوهات عديدة وتضع مستقبل الأطفال على هاوية الخطر.
واستؤنفت الدراسة بكافة المدارس والجامعات الموريتانية يوم الإثنين 11 يناير 2021 بعد أكثر من شهر على إغلاقها جراء تفشي فيروس كورونا المستجد.
وقال وزير التهذيب الوطني محمد ماء العينين ولد أييه في تصريح حينها إن السلطات اتخذت كافة الإجراءات اللازمة لعودة الدراسة.
وكانت الحكومة الموريتانية قد قررت في 2 ديسمبر/كانون الأول، إغلاق المدارس والجامعات بعموم البلاد للمرة الثالثة، لمدة 10 أيام، للتصدي لفيروس كورونا المستجد.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا