شهدت مدينة نواذيبو الساحلية الواقعة شمال غرب موريتانيا والمطلة على المحيط الأطلسي حدثا جديدا غير سير الحياة اليومية في أول أيام الإضراب العمالي للشركة الوطنية للصناعة والمناجم "اسنيم" بالمدينة احتجاجا على عدم تلبية مطالبهم بعد شهر من إضراب عمالها بمدينة ازويرات المنجمية.
وحسب مناديب العمال فإن الشركة بهذا تقود نفسها إلى الهاوية بعد إضراب جاوزت نسبته 90 % واستحالة تحرك القطار المنجمي باتجاه مدينة ازويرات كالعادة نتيجة إضراب المسؤولين عنه وعن سلامة السكة الحديدية.
دعم شعبي..
كان العمال المحتجون على موعد مع العديد مفاجئات تمثلت في دعم من سكان مدينة نواذيبو تماشيا مع العرف الذي سنه سكان ازويرات في دعمهم لعمال شركة "اسنيم" المضربين هناك، فقدمت المدارس الحرة وسكان عاديون لعمال نواذيبو رؤوس ضأن تأييدا لهم من أجل مواصلة الإضراب لتحقيق المطالب.
صمود في وجه الضغوط
ولم تثن وسائل الضغط التي مارستها إدارة الشركة وإدارة المصادر البشرية التابعة لها من خلال حاكم نواذيبو العمال عن سير عملهم وإلغاء الإضراب الذي قرروا المواصلة فيه ما لم تلب كل مطالبهم ويتم الاتفاق مع عمال الشركة بمدينة ازويرات.
مناديب العمال من جهتهم قالوا "إن حاكم المقاطعة وقيادة الدرك بمدينة نواذيبو حاولوا منع العمال من التجمع والاحتجاج من خلال استدعائهم وحثهم على التفرق وعودتهم إلى العمل بحجة أن الاحتجاج غير مرخص ويفتقر للشرعية".
وأكد مناديب العمال لـ "فريق السراج" الموفد إلى المدينة استحالة فضهم للإضراب ومواصلتهم فيه وخاصة بعد نجاحه بشكل كبير ومغادرة الأغلبية الساحقة للعمال أماكن عملهم، وأكدوا على تمسكهم بحق إضرابهم وتجمعهم.
تحد ... ومواصلة
من الملاحظ بين عمال شركة "اسنيم" بنواذيبو وبعد دخولهم في إضراب وتجمهرهم أمام مقر مناديبهم إقبالهم والتعاون والمساهمة في جمع مبلغ من التبرعات للصرف على فعاليات الإضراب المفتوح الذي يرون أن لا رجعة عنه مهما كانت التحديات ومهما خوت جيوبهم قبل تسلم رواتبهم للشهر الماضي.
وظهر العمال المضربون بنواذيبو في شكل متحمس وفي جو أخوي حيث يتبادلون التحايا والتباشير، كما تسمع بين الفينة والأخرى خبرا يفيد باتصال إدارة الشركة بأحدهم محاولة جذبه للعمل ـ وهو ما يعتبره العمال خيانة ـ حتى يزمجرون ويكبرون بسماع أن العامل قد رفض مبررا ذلك بدخوله في الإضراب مهما كلف من الثمن.
كؤوس شاي .. رمز للإضراب
رحب العمال المضربون في نواذيبو بشرب كأس شاي صباحي تحت أشعة الشمس الدافئة تعبيرا عن مقاطعتهم للدوام بشكل جماعي فيما عبر العديد منهم بارتدائه "الدراعة" عن خروجه لأوقات العمل وشعوره بالإطمئنان وهو يتجمهر رفقة زملائه المضربين أمام مقر المندوبية العمالية.
ووجد العديد من عمال شركة "اسنيم" المضربين في أول يوم من أيام الإضراب فرصة حسب قولهم ـ لإيصال أبنائهم إلى المدرسة بعد أن غابوا لسنين عن القيام بهذا الدور، ومشاهدة أطفالهم وقت استيقاظهم حيث تعودوا على رتابة العمل من ساعات الصباح الأولى إلى المساء.
واحتفل المئات منهم مع توافد العشرات من السكان شيئا فشيئا على مكان الاحتجاج المؤقت أمام مقر المندوبية العمالية، وتجمع العشرات من النسوة في بيت مجاور وهن يقرعن الطبل ويصفقن بينما يرقص على وقعها العمال الفرحون تعبيرا عن نجاح الإضراب ـ حسب وصفهم ـ.