
قال البنك المركزي الموريتاني إن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سجل نموًا بنسبة 5.2% في عام 2024، مقارنة بـ 6.5% في عام 2023، مرجعا هذا التباطؤ بشكل أساسي إلى تراجع النشاط في القطاع الاستخراجي، الذي قابله جزئيًا ديناميكية جيدة في القطاع غير الاستخراجي، مدفوعًا بانتعاش الزراعة والصيد وقطاع البناء، بالإضافة إلى مساهمة كبيرة من القطاع المالي.
وأصدر البنك المركزي الموريتاني تقريره السنوي لعام 2024، الذي يقدم لمحة شاملة عن الأداء الاقتصادي الوطني والعالمي، بالإضافة إلى استراتيجيات البنك وإصلاحاته الرئيسية خلال العام.
وقد أظهر الاقتصاد الموريتانيـ وفق التقرير ـ صمودًا ملحوظًا في وجه التحديات العالمية، مع استمرار البنك المركزي في تحديث سياسته النقدية وتعزيز استقراره المالي.
الملامح الاقتصادية الرئيسية:
النمو الاقتصادي:
سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموًا بنسبة 5.2% في عام 2024، مقارنة بـ 6.5% في عام 2023.
ويعزى هذا التباطؤ بشكل أساسي إلى تراجع النشاط في القطاع الاستخراجي، الذي قابله جزئيًا ديناميكية جيدة في القطاع غير الاستخراجي، مدفوعًا بانتعاش الزراعة والصيد وقطاع البناء، بالإضافة إلى مساهمة كبيرة من القطاع المالي.
التضخم:
واصل معدل التضخم تراجعه، حيث بلغ 1.5% على أساس سنوي حتى نهاية ديسمبر 2024، مقارنة بـ 1.6% في نفس الفترة من العام السابق.
ويعود هذا الانخفاض إلى تشديد السياسة النقدية وتراجع الأسعار في الأسواق الدولية، خاصة أسعار المواد الغذائية، والسكن، والنقل، والاتصالات.
المالية العامة والدين العام:
شهد العجز العام للميزانية تحسنًا ملحوظًا في عام 2024، ليبلغ 5.85 مليار أوقية، بانخفاض قدره 3.44 مليار أوقية عن عام 2023. وركزت الاستراتيجية الوطنية للدين على التمويل الداخلي، وبلغ رصيد الدين الخارجي 4.23 مليار دولار أمريكي (39.4% من الناتج المحلي الإجمالي)، بينما ارتفع رصيد سندات الخزينة الداخلية ليعكس استراتيجية تمويل أكثر توازنًا واستدامة.
احتياطيات الصرف الأجنبي:
واصل البنك المركزي إدارة احتياطاته الخارجية بصرامة وديناميكية، محققًا عائدات بلغت 86 مليون دولار أمريكي في 2024، بفضل استراتيجية توجيه متنوعة وارتفاع نسبة الأوراق المالية المتاحة للبيع.
إصلاحات البنك المركزي الرئيسية:
السياسة النقدية:
شرع البنك المركزي في النصف الثاني من عام 2024 في دورة تخفيف تدريجي للسياسة النقدية، حيث تم خفض سعر الفائدة الأساسي من 8% إلى 6.5% عبر ثلاث تخفيضات متتالية. كما تم تحديث إطار السياسة النقدية من خلال تحسين التوقعات، تنويع الأدوات، والإدارة النشطة للسيولة، مما ساهم في ترسيخ توقعات التضخم.
النظام الوطني للدفع:
شهد عام 2024 إصلاحات هيكلية كبيرة في نظام الدفع، تمثلت في إطلاق نظام MACSS (منظومة التسوية الخام الآنية، غرفة المقاصة الآلية، وجهاز مركزي لإيداع الأوراق المالية) في نوفمبر 2023.
يهدف هذا النظام إلى تعزيز الأمان والمرونة والكفاءة في نظام الدفع الوطني، وقد أدت هذه التطورات إلى زيادة ملحوظة في حجم التحويلات بين البنوك والمدفوعات عبر الهاتف المحمول، مما يعكس النمو القوي للرقمنة كوسيلة لتعزيز الشمول المالي.
التحول الرقمي وحوكمة البيانات:
شكلت الرقمنة ركيزة محورية في استراتيجية البنك، حيث تم إطلاق النظام المصرفي المتكامل (CBS) في أكتوبر، مما عزز معالجة العمليات النقدية وتتبع التدفقات آليًا.
كما تم إطلاق مشروع "Governance Data BCM" لإنشاء مستودع وطني للبيانات يتم تغذيته يوميًا، مما يعزز قدرة البنك على التحليل والإشراف.
الأمن السيبراني:
كثف البنك المركزي جهوده في مجال الأمن السيبراني، من خلال تنفيذ استراتيجية وطنية ترتكز على تعزيز أجهزة سلامة الأنظمة الحيوية، إنشاء مركز وطني للاستجابة للحوادث السيبرانية (CSIRT)، ومواءمة القطاع المالي مع المعايير الدولية في مجال الصمود السيبراني.
الإشراف المصرفي ومكافحة غسيل الأموال:
تم تحديث الإشراف البنكي من خلال التبني التدريجي لمعايير بازل III، ونشر أدوات رقمية مثل منصة الإشراف المصرفي (BSA).
كما تم تعزيز آليات الرقابة في مجال مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وإنشاء منصة تقنية لتتبع المعاملات الحساسة عبر المحافظ الإلكترونية.
الاستراتيجية الوطنية للإدماج المالي (SNIF):
تهدف إلى بناء قطاع مالي شامل ومرن ومستدام، وتحقيق معدل إدماج مالي لا يقل عن 63% بحلول عام 2028.
الاستراتيجية الوطنية للمدفوعات الرقمية (SNPN):
تهدف إلى جعل المدفوعات الرقمية رافعة للشمول المصرفي، وشفافية التدفقات الاقتصادية، وتقليص الاعتماد على النقد.
الاستراتيجية الوطنية للتهذيب المالي:
تهدف إلى تعزيز المعارف المالية للمواطنين لتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة.
الاستراتيجيات الوطنية الهيكلية:
واصل البنك المركزي تنفيذ ثلاث استراتيجيات وطنية هيكلية:
الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية (ESG):
عزز البنك المركزي إطاره الوطني للبيئة والمجتمع والحوكمة، بهدف إدماج الأبعاد البيئية والاجتماعية والحوكمة في سياساته، ودوره كمشرف ومحفز للتمويل المستدام.
وشمل ذلك حملات توعية، تعبئة الموارد للمشاريع ذات الأثر البيئي والاجتماعي، والوقاية من المخاطر البيئية والاجتماعية. بحسب تقرير البنك المركزي