معالي الوزير الأول أو فخامة الرئيس الأسبق؟

سبت, 2016/10/22 - 00:47
اسماعيل ولد الشيخ سيديا

لعل في ماقاله الرئيس عزيز في اختتام الحوار الوطني الشامل؛ الذي قاطعته كبريات القوى السياسية المعارضة وانسحبت منه أخرى؛ طغى على الحوار نفسه.

حيث استبق أحداثا واستقطب أخرى واستدعى التاريخ بخلط مشاكس غير بريء لمرحلة ماقبل الاستقلال التي مجدها ومرحلة الاستقلال التى استهجنها.

بدا الرجل مرتاحا لجموع المناصرين وتفاعلهم الاحتفالي؛ وحول الجلسة الختامية إلى مهرجان خطابي؛ شكك في إجراءات جيل التأسيس، واستبق الأحداث لحملة شاملة للتصويت على استفتاء على الدستور الجديد.

تبرؤ الرجل من المأمورية الثالثة ومن أي مساس بالمواد التي يؤدي المساس بها إلى نقص السن القصوى للترشح للرئاسة؛ دليل على أنه في رئاسيات 2019 لن يكون مرشحا لرئاسة الجمهورية، وهو ما يعني فتح الباب أمام موقع جديد للرئيس عزيز في الحياة العامة أو انسحابا مبكرا منها.

في حين أن الاحتمالات مفتوحة أمام مضامين الاستفتاء المزمع إجراؤه؛ فإن مرفقات التعديلات الدستورية(العلم والشيوخ والنشيد) ستكون بمثابة أكسسوارات لا علاقة لها بما أريد منه أصلا.

أحد هذه الاحتمالات هو توسيع صلاحيات الوزير الأول؛ وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية على طريقة غينيا بيساوو؛ وهي بقاء الدفاع والسياسة الخارجية بيد رئيس الجمهورية؛ وترك ماتبقى من أمور الدولة بيد حكومة الأغلبية أو الإئتلاف؛ ووزرائها المنبثقين عن توافق أغلبية نواب البرلمان؛ وهو شيء يفرض أن تكون الانتخابات النيابية عمليا بعد الانتخابات الرئاسية لينتخب رئيس-خليفة لعزيز (الغير مترشح أصلا) ثم تنتخب أغلبية النواب الوزير الأول واسع الصلاحيات ويكون "عزيز" (في حال فوز أغلبيته في النيابيات) ويتحول إلى قبطان جديد بلقب صاحب المعالي بدل صاحب الفخامة.

فما دام في منصب رئاسة الجمهورية لن يتمكن من الترشح للبرلمان ولن يملك الحق في رئاسة حزب تخوله ليتبوأ رئاسة الحكومة؛ رغم أن رؤساء الأحزاب الحاكمة في البلد كثيرا ما بقوا خارج دائرة القرار التنفيذي ماعدا رئاسة مدرارة لمجلس إدارة.

وفي هذا السيناريو سيكون نظام الحكم في موريتانيا مزيجا من الرئاسي والبرلماني والولائي؛ على أن يعود الرئيس عزيز لاحقا للرئاسة على الطريقة الروسية أو التركية بعد أن ذلل الصعاب الفقهية القانونية والأخلاقية حول الحنث في اليمين واستحالة تتابع المأموريات بعد الثانية؛ وحليته إذا كانت متقطعة.

الرئيس عزيز بالكاد بلغ الستين من عمره ويتطلع للعب دور في مرحلة ما بعد استغلال الغاز بالبلد؛ التي ستجب ماقبلها من تعثرات في الأجندا الإنجازاتية؛ ولديه معارضة متماسكة إلى حد كبير؛ ولم يقل كل ما لديه حتى الآن؛ لكنه يرفض بهوس أن يكرر سيناريو رئاسيات 2014 التي شهدت نضوبا في المشاركة السياسية؛ وكلفته تحمل برلمان لا حديث فيه ولا ألوان له حتى اضطر نواب الأغلبية أحيانا للعب دور المعارضة التي هي أصلا مجهرية تحت القبة.

مما يجعل سيناريو خروجه من الساحة السياسية؛ وتقاعده المبكر أمرا مستحيلا. خصوصا وأن للرجل أطرا خدومين وملتزمين بالخطوط العريضة لتوجيهاته ويصلحون للعب الأدوار المذكورة بحذاقة.

اسماعيل ولد الشيخ سيديا