الحراطين في خطاب النعمة: بين مرارة إنكار المعاناة والتلويح بالتعقيم القسري

خميس, 2016/05/26 - 11:12
الأستاذ عثمان ولد بيجل

مرة أخرى ينكر الرئيس جهارا وجود ممارسات الرق في البلد رغم أنها بادية للعيان ولا أدل على ذلك من الحالات المقدمة باضطراد من طرف المنظمات الحقوقية المختصة التي لم تسلم هي الأخرى من شرر لامس كل الإطارات الوطنية خارج دائرة الأغلبية، فوصفت بالعمالة والافتراء والتلفيق والمتاجرة. وكأنما نسي فخامة الرئيس أو تناسى نكسات نظامه تحت ضغط التقدميين من الإنعتاقيين الذي أدى به إلى اعتماد "خارطة الطريق" وجعجعة الطواحين التنفيذية والتشريعية، التي أعدت وصادقت و/أو عدلت قوانين عديدة اعتبرناها وإن بعد حين اعترافا ضمنيا بوجود الظاهرة وتكفيرا عن الإنكار. ولكن سرعان ما اتضح أن ذلك لم يكن سوى مناورة بخسة لذر الرماد في أعين الغرب لاستعطافهم وابتزازهم عبر برامج تنموية وهبات باسم القضاء على العبودية في السبع العجاف.

أما نحن العبيد وأبناء العبيد، نحن الحراطين فيكفينا، أو هكذا يظن الرئيس، قرون السلب الخالية التي قدسنا فيها الأسياد إلى حد تأليههم – سامحنا الله وإياهم – لنبقى جاثمين مدى الحياة  مرتكنين إلى معجزاتهم الخرافية وبركاتهم السفسطائية التي هرمنا بحثا عنها في لعباهم المتطاير وتحت أقدامهم الخشنة متمثلين: "جنة العبد تحت أقدام عربيه". لم يفهم السيد الرئيس أن الزمان ما عاد زمان السَّيْبَ وهيمنة الأسياد ولا العبيد نفس العبيد لأنهم تعلموا من معاناتهم النضال فتفقهوا في الحقوق والتشريع. فالقوانين وما شاكلها من مساع للقضاء على العبودية كل ذلك لم يأتي منة ولا شفقة في عهد ضاعت فيه الإنسانة، بل جاء نتيجة ملحمة تحرير مريرة أبطالها الحراطين أجبرت الحاكم على الرضوخ والامتثال. وبنفس العزم والتصميم يتواصل النضال ضد كيد الممانعين الحانقين من الاستعباديين المارقين عن شريعة رب العالمين المتجاهلين لسماحة الإسلام دين الرحمة والعدالة والمساواة حتى تطبيق المنظومة القانونية وتكريس روحها كاملة غير ناقصة.

وفي هذا الصدد أُؤكد أنه لم يفاجئني مطلقا أن عاد رئيس الدولة وكرر نفيه للعبودية لكن ما نفع انكار العبودية وقد قام اشهادها فحكمت المحكمة المختصة على ارض النعمة بثبوت حالات لا مراء فيها ام ان وصية السلف في الأنظمة الإقطاعية المتعاقبة على السلطة منذ "استقلال" البلد، تلزم الحلف بالقول: ما زلنا على الدرب سائرون وإنا بصوت الضمير لكافرون وبأنات الرقيق مستهزئون مادام "الركاب" و"الكتاب" قائمان.

 

الأستاذ عثمان ولد بيجل