أطفال الدار البيضاء يدفعون ضريبة تردي الواقع المعيشي

سبت, 2015/08/29 - 12:14
21% من اطفال موريتانيا يعانون سوء التغذية المزمن

بأجسامهم النحلية ونظراتهم البريئة يلاحقون إي وافد إلى حيهم الذي يقع على أطراف العاصمة نواكشوط ، بعضهم شبه عاري من الملابس وكثيرون منهم بدون أحذية.

 

إلى وقت قريب كان الحي مكبا للنفايات والمواد منتهية الصلاحية والتي تظل طعما لجذب الأطفال فيلتقطون منها ما يرونه صالحا ليعودوا به إلى أسرهم الفقيرة،ويأكلون ما وصلت إليه أيدهم من معلبات وقنيات جاهزة.

 

أخبية للترويح والتقاط الأنفاس خارج أجواء المساكن للصغار والكبار وقت الهاجرة

واليوم لا تزال تلك العادة مستحكمة على ما يبدو فالسيارات الوافدة مظنة جلب معونات أو التسجيل لتوزيع مساعدات على فقراء الحي لكن العجب أن يكون احتفاء الصغار بها أكبر من الكبار...

 

على شفا المجاعة

في حي مكة 1 بنفس الحي تقول الناشطة السياسية آمنه بنت محمذن إن غلاء اللحوم والخضروات خاصة بعد التساقطات المطرية الأخيرة والتي قطعت الطرق وزادت من مصاريف المواصلات خلقت واقعا معيشيا صعبا، فالكثير من الأسر تبيت على الطوى ولا طعام غير الأرز والفاصوليا وحتى أسماك "الياي بوي" التي كانت الملاذ الأخير للكثيرين في مثل هذه الظروف وصل سعرها لأزيد من 150أوقية.

 

في منفذ بيع "الأحشاء " وبقايا المسالخ الوحيد في الحي يصل سعر "صام" اللحم لأزيد من 300أوقية رغم كونه مجرد مزق من قطع الأحشاء والأمعاء والعضلات وما يعلق بجلد الذبائح يقول البائع ولد أحمد ناجم مؤكدا على الصعوبات التي يتجشمها من أجل توفير معروضاته من اللحوم وجلبها من المسلخ القريب في الميناء....

 

وكما يراهن باعة دكاكين تقسيط المواد الاستهلاكية على ما يجنونه من ربح من تجزئة هذه السلع لجعلها في متناول يد سكان الأحياء الفقيرة يكافح باعة اللحوم كذلك لتأمين لحوم "الصيمان" والتي قد لا يصدق عليها اسم اللحم إلا من باب المجاز..ومع غلاء أسعار المواشي والأغنام هجر الكثيرون مورد رزقهم الوحيد ولم يعد أمامهم سوى البطالة أو البحث عن عمل أخرى كما يقول البائع ولد ناجم.

 

غلاء وسوء تغذية

الأسعار هنا لا تطاق وجلبها من أسواق المدينة مكلف جدا بسبب فاتورة المواصلات " تقول مريم بنت أمريزيك من سكان الحي مما جعل الوضع المعيشي على شفا الكارثة ولولا وجود دكاكين أمل والتي تبيع بعض المواد الأساسية بسعر مخفض لكان الوضع أسوأ لكن المشكل من وجهة نظر الراجل ولد الخير إن أجزاء كبيرة من الحي محرومة من خدمات هذه الدكاكين، وهناك الكثير من التلاعب في المعونات الموجهة للسكان والتي يظل الغرض منها مجرد الترويج الإعلامي وفي حالات كثيرة تكتفي جهات الدعم بتوزيع استعراضي من خلال إلقاء ما يشبه عينات من عملها ثم تلوذ بالفرار عندما يبدأ السكان في التجمع حولها.

 

بنت أمريزك الوافدة إلى نواكشوط منذ ثماننيات القرن الماضي من بوادي باركويل تقول إن غلاء الأسعار يقوض أي جهد لتحسين الصحة العامة والرفع من المستوى المعيشي خاصة للأطفال الذين تباكرهم أمراض سوء التغذية والأنيميا وهم لا زالوا حديثي الولادة، وتشكو بنت أمريزيك من قلة منافذ بيع اللحوم والخضروات في حيها مطالبة بدعم التعاونيات النسوية من خلال التكوين والقروض الميسرة.

 

مسوح :سوء التغذية يحصد أزيد من خمس أطفال موريتانيا وفي مسح لوزارة الصحة ممول من طرف اليونسيف للعام 2015 فإن معدل سوء التغذية المزمن وصل في موريتانيا إلى عتبة 21% وهي وضعية خطيرة وفق معايير منظمة الصحة العالمية.

ووص لمؤشر سوء التغذية المزمن إلى 4.8% بينما كان حوالي 3.4% فينفس الفترة من العام الماضي.

معاناة صحية

لا تقتصر معاناة أطفال الأحياء الفقيرة على سوء التغذية بل أيضا هناك إشكالات صحية جراء نقص الوعي وغياب المتابعة الصحية فالأطفال في موسم الأمطار عرضة لأمراض الحساسية والملاريا .فالبرك والمستنقعات من مخلفات الأمطار رفعت من خطر انتشار الباعوض ونشرت الذباب ولوثت أجواء الحي بالعفونة والروائح الكريهة.

 

وفي هذه الأيام يؤكد السكان وجود حكة جلدية أو حساسية لدى الكبار فيما تزداد أمراض العيون بين الأطفال بشكل غير مسبوق وفق الناشطة بنت محمد.

ومما فاقم من الوضع الصحي وجود مكبات للأوساخ والنفايات على أطراف الحي فيما تشق شاحنات تجميع الأوساخ الحي في طريقها إلى خارج المدينة وفي أحيان كثيرة لا يجري إحكام تغطيتها فتتناثر حمولتها لتزيد الطين بلة حسب السكان.

 

مصائد الموت

تعتمد أجزاء من حي الدار البيضاء على سمسارة شركة الكهرباء في توفير الكهرباء من خلال شبكة توصيلات يجري تمديد أسلاكها على الأرض مباشرة مما يجعلها خطرا محدقا يتهدد حياة الإنسان والحيوان.

وفي الغالب يكون الأطفال أكثر ضحايا هذه التوصيلات الكهربائية وذلك عندما يجوبون طرقات الحي بأرجهم الحافية أو عندما يخوضون برك المياه الآسنة التي خلفتها الأمطار أو تلك التي تفجرت من السباخ المحاذية لشاطئ المحيط.

في حي الدار البيضاء كغيره من أحياء الضواحي تطرح عمالة الأطفال أكثر من إشكال صحي واجتماعي وذلك عندما يلتحقون بأعمال عضلية مجهدة كأعمال البناء أو ورش الحدادة والنجارة أو ضرب اللبن أو النقل عبر عربات الحمير وغيرها من أعمال شاقة لا تتحملها أجسامهم النحلية وعضلاتهم الغضة.

الأوساخ والنفايات تحاصر الحي