ولد حدمين :ميكانيكي المأمورية الثانية

أربعاء, 2014/11/05 - 14:33

شيئ ما ذكر المعلقين اليوم على صفحات الفيس بوك بأغنية " مول كرت" القديمة جدا، ومن ضمن كلماتها " قالوا عن شيباني واتوتي ومعاها سكتة"

وبين الأغنية المذكورة وتعيين وزير النقل يحيى ولد حدمين وزيرا أول في بداية مأمورية "الشباب والنساء" أسئلة كثيرة،  لم يكن ولد حدمين ضمن الأسماء التي تداولتها المواقع الالكترونية، خصوصا أن أغلب المصادر كانت تشير إلى أن مولاي ولد محمد الأغظف سيواصل البقاء في مبنى الحكومة لفترة أخرى، وحتى ولد حدمين نفسه لم يكن يصدق خبر تعيينه ليردد للمهنئين " هذا الا الحظ ..الحظ.

رحلة على طريق غير معبد

في تمبدغة أقصى الشرق الموريتاني وفي 1953 ولد يحيى ولد حدمين لأب ينتمي إلى مقاطعة جكني، وفي جكني أيضا درس الابتدائية سنة 1960، قبل أن ينتقل إلى ثانوية لعيون، ومنها إلى الثانوية الوطنية سنة 1971.

خلال دراسته الثانوية كان يحيى ولد حدمين شابا نبها جدا، مما مكنه من الحصول على منحة إلى كندا ليبدأ تعليمه الجامعي حيث حصل على شهادة مهندس في ميكانيكا التعدين سنة 1979 ومنها إلى شركة اسنيم.

 

بكفاءته العالية في مجال الهندسة وميكانيكا التعدين التحق ولد حدمين بشركة اسنيم وترقى في وظائفها قبل أن يربط صداقة قوية بمديرها السابق محمد السالك ولد هيين، وبفعل هذه الصداقة ترقى ولد حدمين من جديد إلى مناصب أرقى، قبل أن ينتقل في 2003 إلى منصب مدير عام شركة النظافة والاشغال والنقل والصيانة )ATT M  وقد ظل محتفظا بمنصبه إلى حين 2010 حيث عين وزيرا للنقل ومن النقل انتقل إلى الوزارة الأولى.

 

يساري من الزمن الأحمر

في فترته الثانوية ارتبط ولد حدمين بالتيار الناصري قبل أن يرفع مساره الإيديولوجي لاحقا إلى اليسار، يقول مقربون من ولد حدمين إنه يساري متصوف في ذات اليسار، اصطحب معه من رحلاته إلى كندا وروسيا كثيرا من الأفكار الضاربة في عمق اليسار، كما اصطحب معه أيضا السيدة أم العيال ذات الأصول السلافية الأصيلة.

 

وإلى جانب تلك القيم اليسارية العتيقة، يجمع العارفون بولد حدمين بأنه رجل قبيلة بامتياز، يتسع العالم عنده كثيرا ثم يعود ليضيق مكانا وينتهي عند حدود جكني، قبل أن يضيق أيضا في عالم الأشخاص والعلاقات ليتوقف أيضا عند العشيرة القريبة من الوزير الأول.

ويقول العارفون بالرجل إنه كان زعيم الأزمات الجهوية في اسنيم بين عمال الولايات الشرقية والجنوبية والشمالية، إضافة إلى أزمات أخرى ذات بعد  قبلي.

 

ويقول أحد العارفين بالرجل " عين ولد حدمين وزيرا للنقل وكان حينها في زيارة لمالي عاد نفس الليلة إلى نواكشوط واستدعى مدير المصادر البشرية في شركته، وسلمه لائحة من المقربين وطلب منه أن يدمج أسماءهم ضمن المتعاونين مع الشركة، قبل أن يوقع محضر الاستلام.

وفي وزارة التجهيز والنقل لم ينس ولد حدمين أيضا الحديث الشريف " خيركم خيركم لأهله، حيث وظف العشرات من أقاربه وخصوصا أولئك المحسوبين عليه سياسيا في مواجهة مجموعة قبلية أخرى منافسة له".

وإلى جانب تلك العالمية والجهوية يتميز ولد حدمين بأنه شخص بسيط جدا ، مرح للغاية لاعب ماهر للورق" مرياص" متواضع للغاية مالم يغضب وهو سريع الغضب، يصطحب مسدسه معه بشكل دائم، وربما شهره في وجوه المحتجين كما وقع في كيفة خلال النيابيات المنصرمة.

 

صديق صديق الرئيس

 

توثقت علاقات الوزير الأول يحيى ولد حدمين منذ وصوله إلى إدارة شركة ATTMحيث تقول المصادر إن ولد حدمين وفر تسهيلات قوية للرجل القوي حينها في المؤسسة العسكرية محمد ولد عبد العزيز وذلك عبر تأجير عدد كبير من الشاحنات المملوكة لرئيس الجمهورية أو مقربين منه مقابل مبالغ يومية معتبرة، رغم أن الرئيس ولد عبد العزيز ينفي بشكل دائم ويصر على أنه لا يملك شيئا باستثناء حفارة.

وكما يرتبط ولد حدمين بصداقة مع ولد عبد العزيز فإنه يرتبط أيضا بعلاقات أوطد مع رجل الأعمال الصاعد افيل ولد اللهاه ابن خالة الرئيس، وبعلاقات أوطد أيضا مع شركة النجاح المشرفة على المطار الجديد.

وعلى الصعيد السياسي يحمل ولد حدمين عداوات كثيرة تجاه القوى السياسية المعارضة للنظام، وبشكل خاص النواب البرلمانيين الذين طالما تحدثوا عن صفقات فساد في قطاع النقل، ويحمل عداوة خاصة للإسلاميين الذين يعتبرهم خصومه المحليين في مقاطعة جكني إضافة إلى الخصومة الفكرية العميقة.

 

رسائل في العمق

يبعث ولد عبد العزيز من خلال تعيين ولد حدمين رسائل بالغة الأهمية أولها

إلى الشباب الذين استبشروا خيرا بشعارات " مأمورية الشباب" وتمكين الشباب" أن الشباب فترة ذهنية لا مرحلة عمرية.

-   إلى القوى السياسية المعارضة : بأن الكلمة الفصل في الفترة القادمة ستكون "لجرف المسار السياسي " وإعادة تعبيده وفق رؤية النظام.

-   إلى المسار الاقتصادي : أن الأولوية القادمة للمشاريع المدرة لدخل النخبة الاقتصادية الحاكمة.