الدروس الرمضانية / الشيخ محمد الأمين مزيد

ثلاثاء, 2024/03/19 - 02:45

الدرس:   الخامس
العلاقة الوثيقة بين الدعاء ورمضان
 ويجيء الدعاء آناء الليل وآناء النهار سمة بارزة من سمات هذا الشهر، تعبدا لله تعالى واستجابة لدعوته وإيمانا به واستشعارا لقربه ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) 
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين ": رواه الترمذي واللفظ له وقال: " هذا حديث حسن " وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما  وقال ابن الملقن  : " هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» وَقَالَ: حسن " وفي رواية للترمذي وابن حبان : "والصائم حين يفطر "
 وللدعاء آداب ذكرها العلماء ومنهم الغزالي في إحياء علوم الدين ومن هذه الآداب  :
1. أن يترصد لدعائه الأوقات الشريفة كيوم عرفة من السنة ، ورمضان من الأشهر ، ويوم الجمعة من الأسبوع ، ووقت السحر من ساعات الليل قال الله تعالى ( وبالأسحار هم يستغفرون)  وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة رواه أحمد والنسائي في عمل اليوم والليلة وابن خزيمة وابن حبان .
2. أن يغتنم الأحوال الشريفة كحال السجود قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء . "رواه مسلم .
3. استقبال القبلة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة رواه مسلم 
4 ورفع اليدين .
5. أن يكون الدعاء سرا في النفس لأن ذلك أبعد عن الرياء وأبلغ في التعظيم والتوقير كما قال الله عز وجل ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) قال الحسن البصري :" لقد أدركنا أقواما ما كان على الأرض عمل يقدرون على أن يكون سرا فيكون جهرا أبدا ، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء فلا يسمع لهم صوت إن هو إلا الهمس بينهم وبين ربهم ، وذلك أن الله تعالى قال : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) وذكر عبدا صالحا رضي فعله فقال ( إذ نادى ربه نداء خفيا . ) 
وكما في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفره فجعل الناس يجهرون بالتكبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم ليس تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم . رواه مسلم .
6. عدم تكلف السجع فإن ذلك لا يناسب الضراعة قال بعض السلف : ادع بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والانطلاق .
7. التضرع والخشوع والرغبة والرهبة قال الله تعالى ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين . )   
8. أن يجزم الدعاء ويوقن بالإجابة ويصدق رجاءه عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقل أحدكم إذا دعا: اللهم اغفر لي إن شئت. اللهم ارحمني إن شئت. ليعزم المسألة. فإنه لا مكره له» .  رواه البخاري ومسلم
 9. أن يلح الدعاء ويكرره ثلاثا ولا يستبطئ الإجابة قال ابن مسعود كان صلى الله عليه وسلم إذا دعا دعا ثلاثا . رواه مسلم وقال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول قد دعوت ربي فلم يستجب لي . " رواه مسلم .
10. أن يفتتح الدعاء بذكر الله عز وجل فلا يبدأ بالسؤال .
11. التوبة ورد المظالم والإقبال على الله عز وجل بكنه الهمة وهذا الأدب الباطن هو الأصل في الإجابة .