غزوة سيناء.. غزة أولا/ محمد عبد الله لحبيب

جمعة, 2015/07/03 - 17:01
الإعلامي: محمد عبد الله لحبيب

لا يمكن فصل ما دار اليوم في سيناء عن الأحداث في مصر والمنطقة. إن تنظيم الدولة، في سيناء، وليبيا، واليمن، وتونس، وسوريا، واحدة من أدوات الثورة المضادة، عن وعي أو غير وعي، يشارك في صناعة مشهد مأزوم في منطقة لا تحتاج ما يؤزمها.

 

التنظيم في سيناء سيف يتنازع مقبضة البغدادي ودحلان، وحاضنة محلية منهكة من ممارسات الذراع الخشنة لجمهورية الضباط المصرية.

 

دحلان وبن زايد يعيدان سيناريو اليمن. كسر محسن الأحمر بالحوثي، ومحاولة تدمير الإصلاح، وتدعيش اليمن، لترسخ أمريكا وجودها. قبل يومين وجه تنظيم الدولة سهام خطاب عيي إلى حركة المقاومة الإسلامية يتهمها بإراقة دماء من أسماهم بالمجاهدين والتلكؤ في إقامة شرع الله في غزة. توعد الخطيب الدحلاني، ذو الثوب الداعشي، حماس صراحة بالويل والثبور.

 

أداة المحمدين في تكرار سيناريو اليمن مع غزة هي السيسي الذي يعطي الآن داعش ما أعطى علي صالح للحوثيين في اليمن. الأرض، السلاح، وربما مرتزقة كمرتزقة صالح الذين يقاتل بهم الشعب اليمني.

 

المنطقة العازلة برفح التي ظلت أوليوية أولويات السيسي منذ انقلابه هي الركن الثاني في استراتيجية ذبح غزة. سلم داعش الأسلحة والأرض ورقاب أبناء مصر لأن خطوتها القادمة ستكون غزة.

 

كان السيسي واضحا بما يكفي عندما قال قبيل مذبحة رابعة إن التفويض الذي طلبه لمحاربة الإرهاب أبعد أثرا، وكان أوضح عندما جرف 800 منزل وقضى على مئات، إن لم يكن آلاف، الأنفاق، التي كان يتنفس منها القطاع.

 

ليونة السيسي، وإسرائيل، تجاه غزة، الأسابيع الفارطة، ليست رأفة طارئة ولا صحوة ضمير إنساني تحرك لمأساة أهالي القطاع. كانت جزءً من استراتيجة صيغت على مهل؛ تعطي الانطباع بأن حرب القطاع ليست أولوية، بل إن "تنميته" مقبولة إلى حد ما، وتجعل أي تحرك استباقي للكتائب غير مبرر، وربما تدفع إلى استرخاء بعض أذرع المقاومة الغزاوية.

 

قبل يومين صرح دحلان بألا شرعية لمحمود عباس ولا للبرلمان، وهي إشارة صريحة إلى حماس، ولا يخفى أن لرجل إسرائيل المحتضن إماراتيا دور في كل واحد من حادثين داخل سلطة رام الله، إقالة عبد ربه نصف المفاجئة، لا يستبعد أن تكون على علاقة بالموضوع.

 

قراءة تطور ملف سيناء من أيام مرسي إلى اليوم تحيل إلى لازمة في تصريحات المسؤولين المصريين تربط بين الشريط الحدودي مع غزة، وأي عملية تتم في سيناء. يتلوها إمعان في تدمير الأنفاق الذي يصاحب غالبا بإغلاق المعبر.

 

الحليف السعودي الذي كان يفرض "توازنا فقيرا مائلا" في الموقف المصري من غزة خلال الأشهر الفارطة توغل أكثر في انشغالاته الداخلية، والقريبة، وعادوا إلى ما يشبه أن يكون انكفاء استراتيجيا قد يكون مؤقتا، لكنه قائم الآن مشهود. ولا يتوقع أن يكون جزءً من ضغط فاعل على السيسي الذي يبدو أنه ينفق ما تبقى من أيامه في إحراق ما تبقى من مصر.

 

السيسي وبن زايد يحرقان ما تبقى من مصر برميها في اللهيب الغزاوي الذي يحميه ثلاثون ألف استشهادي، وتاريخ من مقارعة العدو المدجج في ثلاث حروب تنتهي مؤلمة على الطرفين، قاصمة لظهر الهيبة الإسرائيلية.

 

مكمن خطورة الوضع الجديد أن البندقية القسامية سيصيبها بعض التردد حين يتعلق الأمر بدم عربي مسلم، خصوصا إذا كان جنديا مصريا، وسيكون داعش محاربا غير ذي أخلاق، يحاول أن يكرر في غزة ما فعله في مخيم اليرموك برعاية براميل الأسد، وأتباع معاتيه الجبهة الشعبية. دور براميل الموت ثمة من هو مستعد للعبه، فللسيسي طيران ولإسرائيل آخر من نفس الفصيلة. لكن غزة لم تعتد الهزيمة، والسيسي ودحلان وبن زايد ليسوا رجال انتصارات، إنهم أخدان هزائم، يؤيدهم الخذلان، وتناصرهم اللعنات. لن يفلحوا.