انتخابات الجامعة.. والرسائل المهمة....

اثنين, 2015/04/27 - 09:13
بقلم: محمد حيدرة مياه

يمكنك أن تدوس الأزهار.. لكنك لن تؤخر الربيع"، ربما تكون هذه العبارة التي قالها "ألكسندر دوبتشيك" مفجر حركة "ربيع براغ"،  حين داست دبابات حلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفييتي السابق،  أزهار "ربيع براغ" قبل 44 عاماً،هي أهم درس يجب أن يتعلمه، مستشار رئيس الجمهورية ورئيس الجامعة السابق، اسلكو ولد ازيد بيه، - ومن سار على نهجه-  الذي داس صناديق الاقتراع في انتخابات الجامعة عام 2011 ،  حين اكتشف يومها  في آخر الوقت أن الصناديق حبلى بنصر عظيم، سيحققه الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا.. فأرسل عناصره لتعيث فسادا في الساحة.. ولتحرق الأخضر والأصفر والأزرق...

لقد فاز الاتحاد الوطني هذه المرة ثلاث مرات..

 فاز في انتخابات 2011 حين اختاره الآلاف من طلاب الجامعة ليمثلهم، قبل أن ينقلب رئيس الجامعة على صناديق الاقتراع بأمر من رئيسه "المنقلبُ نَفْسُه".

و فاز أيضا حين تعامل بمستوى فائق من العقلانية، وضبط النفس مع محاولات البلبلة، وإشعال حريق عرقي داخل الجامعة... بعد أن يئس خصومه من الانتصار في معركة الصندوق الشفاف ...!

وعلى الرغم من قيام عناصر معروفة التوجه والانتماء و"التحكم".. في تلك الأيام بحرق مقرات الاتحاد والاعتداء على مناضليه وتجاوز الخطوط الحمراء... استطاع الاتحاد بحنكة قيادته أن يمتص الصدمة، وأن يتجاوز ألم اللحظة.. وأن يسلم من الانجرار وراء معركة خطيرة كانت ستنتقل إلى الشوارع وإلى ساحات أوسع وأوجع.. وتلك دروس جديرة بالتأمل والدراسة..

وأخيرا: فاز للمرة الثالثة مرتين أيضا؛ مرة في جامعة العلوم والتكنلوجيا والطب، والثانية في جامعة نواكشوط .

فوز مستحق...

يحق  لأبناء الاتحاد الوطني وأنصاره أن يفتخروا بهذا الفوز الكاسح، فليس فيه شبهة من المال العام، ولا وجاهة لشيوخ قبيلة، ولا تدخل من جنرال.. وإنما هي أصوات  الأحرار.. تشهد لأهل الاتحاد بحقهم.. والضمائر الحرة تعبر عن اختيارها لأهل الكفاءة والأمانة حين أتيح لها الخيار...

لم يكن هذا الفوز وليد اللحظة؛  بل كان ثمرة عمل دؤوب استمر لسنوات،  سطر فيه مناضلو الاتحاد الوطني أسمى آيات النضال دفاعا عن مؤسسات التعليم وخدمة للطلاب،  فكانت الوقفات والمظاهرات والاحتجاجات..   اللغة التي يتقنها  الاتحاد في ميدان النضال، واليد اليسرى التي يشمر عنها حين تتعنت الإدارة أو تماطل في أداء حق أو تلتف على واجب..

فيما  كانت الحملات الطوعية وتنظيم الساحة الجامعية والدوريات الرياضية وحملات التبرع بالدم.. اليد اليمنى التي يمدها الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا في الساحة.. فيغيث الملهوف، ويزيل العناء، ويداوي المريض، ويرسم البسمة على و جوه المتعبين..

كما كان له مع المتفوقين والطلبة المتميزين وقفات في التكريم والتشجيع.. إضافة إلى تنظيم ندوات كبرى تناقش واقع التعليم وتسعى لتشخيص المشاكل ووضع الحلول.

وفي مقابل ركود و شخصنة تامة  تعيشها الإطارات الطلابية الأخرى في جامعة نواكشوط... كنا نرى على طول  السنوات حرصا وإصرارا من الاتحاد الوطني على التمسك  بالمؤسسية، تمثل في تنظيم  المؤتمرات والانتخابات الداخلية؛  ففي كل دورة زمنية يجدد هيئاته  وأقسامه ومندوبيه... 

فضخ دماء جديدة فائرة في عروق العمل الطلابي وشرايين الساحة الجامعة.. جعلها محط أنظار المتابعين.. فبورك الطلبة، وبورك النضال، وبورك الحراك الجامعي الواعي... زادكم الله – أهلَ الاتحاد -  عزا و حرصا على العلم والمعرفة والوعي والنضال....

وكما هي عادتها ستختفي من الساحة الجامعية اتحادات الأوراق والوهم.. التي ظهرت فجأة... ورخص لها بين عشية وضحاها... ستُغلق المكاتب و تُطوى اللافتات، وتغيب الابتسامات الصفراء، و"الباعة المتجولون" الذين يوزعونها.. و يبقى فتيان وفتيات الاتحاد الوطني في الساحة؛ يخدمون و يناضلون و يعملون... ينتزعون الحقوق، ويصونون المكتسبات، ويخدمون الطلاب؛ وكذلك يفعلون..

رسائل للجميع...

إلى أهل الاتحاد  أن واصلوا فليس هذا هو نهاية الطريق..وليس هذا الفوز مكسب مجاني.. وإنما الإخلاص و التضحية و الاستمرارية و الثبات.. هي سر النجاح وعليها فلتحافظوا..
فالوصول للقمة شاق و صعب.. ولكن الأصعب  هو المحافظة على القمة والريادة..!

إلى كل الإطارات الطلابية في  جامعة انواكشوط: الاتحاد الوطني ليس عدوكم ولن يكون.. وقد أكد على ذلك في قبوله بنظام النسبية الظالم في حقه..  رغم أنه الخاسر الأكبر منه (انتخابيا) إلا أنه وجه بذلك رسالة قوية لكل الشركاء في البلد؛ أنه لا هيمنة ولا تفرد.. وإنما وطن للجميع نبنيه سويا و ننعم فيه سويا..

إخوتي الطلاب: خصمكم هو  التواني، هو عدم المؤسسية.. هو عدم الجدية.. وخصمكم هو الإدراة المماطلة.. هو الواقع المتردي للخدمات الجامعية..   هو الاتحادات التي  تأتي من "المخزن" معلبة لتشوش على نضالكم... فحددوا بوصلتكم  وركزوا على انتزاع  "الحقوق". وارفعوا شعار التعاون...

إلى الأغلبية الصامتة.. إلى الستة آلاف التي لم تدل بأصواتها... إلى أولئك الصامتين الواقفين على الحياد.. ألم يأن لكم أن تنفضوا عنكم غبار الكسل والسلبية...؟! ألم تعظكم الإحصائيات التي صنفت جامعتكم في آخر ذيل قوائم الجامعات العالمية..؟!  حتى لم يبق خلفها إلا "الجدار"..! كل ذلك بسبب صمتكم وغيابكم عن ساحة الفعل والإرادة...  

عليكم أن تدركوا أن "النضال هو الذي يجعل للإنسان قيمة بوصفه كائنا منتجا"... فمن ذا الذي يرضى أن يكون إنسانا فاقد القيمة..؟!!

 إلى النظام  والمسؤولين  فيه: آن لكم أن ترفعوا أيديكم  عن الجامعة وعن التشويش على إرادة الطلاب.. تحتاجكم الجامعة في تطويرها وتقوية بنيتها أكثر مما تحتاجكم كمشاغبين ومفرقين..