البرلمان يوقع بالحكومة

اثنين, 2018/11/26 - 22:29
يعقوب ولد محمد ولد سيف: أستاذ جامعي ومحام.

إذا لم يقدم الوزير الأول برنامجه أمام الجمعية الوطنية ويحصل على ثقتها قبل يوم 29 نوفمبر، فإن حكومته تعتبر في حكم المستقيلة.

نصت (المادة 42) من الدستور على وجوب أن يقدم الوزير الأول المعين برنامجه للجمعية الوطنية مع الالتزام بمسؤولية الحكومة وفقا للشروط المبينة في المادتين 74 و75، وهو الإجراء الذي لما يقدم عليه معاليه حتى اللحظة.

لقد أجهضت الجمعية الوطنية مسار التزام الحكومة بمسؤوليتها السياسية عن برنامج الوزير الأول قبل اكتمال مسطرته حين اعتبر رئيس الجمعية الوطنية في الكلمة التي" انهى" بها الجلسة العلنية التي حضرها الوزير الأول لتلك الغاية، أنه:" نظرا لأن الجمعية الوطنية لم تتلق ملتمس رقابة خلال الأربع والعشرين ساعة التي تلت تقديم برنامج الحكومة وإعمال المسؤولية السياسية لها، فإن الجمعية الوطنية صادقت على البرنامج الذي تقدمت به ".

خلط واضح بين أمرين منفصلين: ملتمس الرقابة والمسؤولية السياسية للحكومة

أولا -ملتمس الرقابة: إن ملتمس الرقابة آلية مبادرتها حق للبرلمانيين، وتعمل على وجهين:

- للطعن في مسؤولية الحكومة مطلقا متى شاء البرلمانيون

- وتعمل كرد فعل بمناسبة سعي الحكومة لتمرير نص دون المرور على تصويت البرلمان

وتحسب في حالة تقديم ملتمس الرقابة الأصوات المؤيدة، وتسقط الحكومة بحصول ملتمس الرقابة على أغلبية نواب الجمعية الوطنية.

ثانيا -المسؤولية السياسية للحكومة: وهي تعمل بمبادرة من الحكومة من خلال مسألة الثقة وفى مناسبتين كذلك:

- بعد مداولة مجلس الوزراء لتمرير نص دون عرضه على التصويت؛ حيث يعتبر النص مصادقا عليه مالم يقدم ملتمس رقابة خلال أربع وعشرين ساعة اللاحقة.

-بعد مداولات مجلس الوزراء حول برنامج أو بيان سياسي عام.

وحين يتم تعريض المسؤولية السياسية للحكومة من خلال مسألة الثقة، فإن الثقة تحصل مالم يتم تصويت مناوئ تحسب فيه الأصوات المناوئة فقط، ويرتب حصول المناوئين في التصويت على أغلبية نواب الجمعية الوطنية الاستقالة الفورية للحكومة، التي تظل تسيير الأعمال الجارية إلى أن يعين رئيس الجمهورية وزيرا أولا وحكومة جديدين.

لذلك، ولأن برنامج الوزير الأول لم يعرض للتصويت المناوئ، فإنه لم يحصل على الثقة المفترض أن تترتب على الالتزام بالمسؤولية السياسية للحكومة عن ذلك البرنامج،

وعليه، بانقضاء الشهر المحدد كأجل أقصى للحصول على ثقة البرلمان للحكومة المعينة في 30 أكتوبر 2018، ستكون هذه الحكومة في حكم المستقيلة؛ لان مقتضيات الدستور صريحة ، ملزمة ولا يمكن أن لا يحتج في مواجهتها بفهم خاطئ للنظام الداخلي للجمعية الوطنية.

فعلا "العين حق "؛ حصلت الحكومة على ثقة البرلمان منذ لحظة تعينها، لكن تلك الثقة الزائدة قد تنتهي بهذه الحكومة إلى نهايتها قانونيا بمجرد انقضاء شهر واحد على تعيينها.