عتمة السجون تخيم على ثلاثة أشقاء من عائلة طبنجة بمدينة نابلس

خميس, 2018/09/20 - 01:35

لم يكن الحاج معين طبنجة قد أفاق بعدُ من صدمتي اعتقال ابنيه مهند ثم حمزة قبل أسابيع قليلة، حتى عاجله الاحتلال باعتقال ابنه البكر محمد، لتخيم عتمة السجون على جميع أبنائه الذكور، بانتظار مصيرٍ مجهولٍ.

بتاريخ (14/8/2018) بدأت قصة جديدة لعائلة طبنجة مع سجون الاحتلال، فقد اعتقل الاحتلال مهند طبنجة (21 عاماً) الفرد الأول من عائلة معين طبنجة بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة.

مهند، لا يزال على مقاعد الدراسة الجامعية، حيث يدرس تخصص تكنولوجيا المعلومات في جامعة النجاح.

وبعد 15 يوماً بالتمام، أقدم الاحتلال على اعتقال شقيقه حمزة (20 عاماً) وهو أيضاً طالب جامعي يدرس تخصص الاقتصاد، لينضم الشقيقان مهند وحمزة إلى قائمة طويلة من الطلاب الجامعيين الذين يحرمهم الاحتلال حق الحصول على تعليمهم الجامعي بصورة طبيعية.

معاناة الأب
الحاج معين طبنجة، ليس حديث عهد بمعاناة السجون، وهو الذي خاض تجربة الاعتقال والإبعاد إلى مرج الزهور، ويعلم ماذا تعني السجون، لكن هذه المرة، كان عليه أن يتذوق مرارة غياب فلذات الأكباد.

وتكاد أنفاسه تختفي وهو يتحدث كيف اعتقل الاحتلال أبناءه الثلاثة تباعا، واحدا تلو الآخر، بفاصل زمني لا يزيد عن أسبوعين.

ويجد الوالد طبنجة مشقة كبيرة في متابعة قضايا أبنائه ما بين جلسات المحاكم والمحامين، ولم يعد بمقدوره إحصاء عدد التمديدات التي قررتها المحكمة بحقهم، وما القادم بخصوص قضيتهم.

فقبل أن يدرك ماذا حصل لابنيه حمزة ومهند، اقتحم الاحتلال فجر يوم السبت (15-9-2018)، منزل ابنه محمد (26 عاما) في شارع المريج، ودمر محتويات منزله، واعتقله.

محمد كان قد أسس لنفسه عائلة صغيرة، ورزق بطفلٍ رضيع قبل تسعة أشهر، تخرج هو الآخر من جامعة النجاح، بتخصص الاقتصاد، ويعيش حياةً طبيعية.

وحتى قبيل ساعات الفجر، كانت زوجة محمد، لا تزال مستيقظة تهدهد سرير طفلها معين، حين سمعت أصواتاً وجلبةً تقترب من العمارة التي تسكن وزوجها في إحدى شققها، وحين توجهت صوب النافذة، رأت أعداداً من الجنود يحيطون بالعمارة.

 

تحطيم الأرجوحة

بعفوية، أخبرت "أم معين" زوجها بأن هناك جنودا في المحيط، وعبرت له عن خشيتها وتوقعها بأن اقتحاماً سيحدث للعمارة، غير مدركة أن حالة الاعتقال التالية ستكون من نصيب زوجها، فما هي إلا دقائق حتى طرق الجنود باب المنزل.

تقول أم معين: "سألوا إن كان هناك أحد غيري وزوجي وطفلنا؟ فأخبرناهم بأن لا أحد غيرنا، فطلبوا مني التوجه لأحد الغرف وإقفال الباب على نفسي وطفلي".

كانت أفكار أم معين تتضارب، والأصوات تعلو من المطبخ ومن كل غرف المنزل الذي أسسته وزوجها منذ مدة قصيرة أملاً بحياةٍ هادئة.

وتصف الأصوات فتقول: "كنت أسمع صوت تكسير وتدمير، حتى ظننت أني حين أخرج سأجد البيت مهدماً، والحال أنهم كانوا يستفزونني برفع الأغراض من مكانها ونقلها محدثين ضوضاء، وقد قلبوا كل ركن في المنزل، ولم يتركوا شيئاً على حاله".

أرجوحةٌ صغيرة للرضيع "معين"، نَفَسُ البيت وفرحة والديه، كسرها جنود الاحتلال، وكسروا له عربةً وألعاباً، غير عابئين بطفولته، كما صادروا هاتفاً وجهاز حاسوب وحاسب لوحي من البيت، وغادروا المنزل بعد أن أخبروا "أم معين" بأن زوجها رهن الاعتقال.

كآلاف الحالات الاعتقالية التي تحدث كل يوم، ودّعت أم معين زوجها، على أمل لقاء قريب، وودعت ليلة مرت ثقيلة عليها وعلى طفلها وعلى أنفاس المنزل السعيدة، لكنها احتفظت بالإيمان بداخلها.

وتختم حديثها متفائلة بقرب الفرج، قائلة: "أعلم بأن حرية محمد قريبة.. سيعود للمنزل، ونحن موقنون بأن اعتقاله إنما هو للضغط على شقيقيه حمزة ومهند، وسيلوح الفرج قريباً".

 المركز الفلسطيني للإعلام